صفحة جزء
[ ص: 301 ] سورة الزخرف

هي مكية بإجماعهم

وقال مقاتل: هي مكية، إلا آية، وهي قوله: واسأل من أرسلنا [الزخرف: 45] .

بسم الله الرحمن الرحيم

حم . والكتاب المبين . إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون . وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم . أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين . وكم أرسلنا من نبي في الأولين . وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون . فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين . ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم . الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون .

[ ص: 302 ] قوله تعالى: حم قد تقدم بيانه [المؤمن] .

والكتاب المبين قسم بالقرآن .

إنا جعلناه قال سعيد بن جبير: أنزلناه . وما بعد هذا تقدم بيانه [النساء: 82، يوسف: 2] إلى قوله: وإنه يعني القرآن في أم الكتاب قال الزجاج : أي: في أصل الكتاب، وأصل كل شيء: أمه، والقرآن مثبت عند الله عز وجل في اللوح المحفوظ .

قوله تعالى: لدينا أي: عندنا لعلي أي: رفيع .

وفي معنى الحكيم قولان . أحدهما: محكم، أي: ممنوع من الباطل، قاله مقاتل . والثاني: حاكم لأهل الإيمان بالجنة ولأهل الكفر بالنار، ذكره أبو سليمان الدمشقي، والمعنى: إن كذبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا شريف عظيم المحل .

قوله تعالى: أفنضرب عنكم الذكر صفحا قال ابن قتيبة : أي: نمسك عنكم فلا نذكركم صفحا، أي: إعراضا، يقال: صفحت عن فلان: إذا أعرضت عنه، والأصل في ذلك أن توليه صفحة عنقك، قال كثير يصف امرأة:


صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت



أي: معرضة بوجهها، يقال; ضربت عن فلان كذا: إذا أمسكته وأضربت عنه . أن كنتم قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو ، وابن عامر: "أن كنتم" بالنصب، أي: لأن كنتم قوما مسرفين . وقرأ نافع، وحمزة، [ ص: 303 ] والكسائي: "إن كنتم" بكسر الهمزة . قال الزجاج : وهذا على معنى الاستقبال، أي: إن تكونوا مسرفين نضرب عنكم الذكر .

وفي المراد بالذكر قولان .

أحدهما: أنه ذكر العذاب، فالمعنى: أفنمسك عن عذابكم ونترككم على كفركم؟! وهذا معنى قول ابن عباس، ومجاهد، والسدي .

والثاني: أنه القرآن، فالمعنى: أفنمسك عن إنزال القرآن من أجل أنكم لا تؤمنون به؟! وهو معنى قول قتادة، وابن زيد .

وقال قتادة: "مسرفين" بمعنى مشركين .

ثم أعلم نبيه أني قد بعثت رسلا فكذبوا فأهلكت المكذبين بالآيات التي تلي هذه .

قوله تعالى: أشد منهم أي: من قريش بطشا أي: قوة ومضى مثل الأولين أي: سبق وصف عقابهم فيما أنزل عليك . وقيل: سبق تشبيه حال أولئك بهؤلاء في التكذيب، فستقع المشابهة بينهم في الإهلاك .

ثم أخبر عن جهلهم حين أقروا بأنه خالق السموات والأرض ثم عبدوا غيره بالآية التي تلي هذه; ثم التي تليها مفسرة في [طه: 53] إلى قوله: لعلكم تهتدون أي: لكي تهتدوا في أسفاركم إلى مقاصدكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية