صفحة جزء
اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

قوله تعالى: اعلموا أنما الحياة الدنيا يعني: الحياة في هذه الدار "لعب ولهو" أي: غرور ينقضي عن قليل . وذهب بعض المفسرين إلى أن المشار بهذا إلى حال الكافر في دنياه، لأن حياته تنقضي على لهو ولعب وتزين الدنيا، ويفاخر قرناءه وجيرانه، ويكاثرهم بالأموال والأولاد، فيجمع من غير حله، ويتطاول على أولياء الله بماله، وخدمه، وولده، فيفنى عمره في هذه الأشياء، ولا يلتفت إلى العمل للآخرة . ثم بين لهذه الحياة شبها، فقال: كمثل غيث يعني: مطرا "أعجب الكفار" وهم الزراع، وسموا كفارا، لأن الزارع إذا ألقى البذر في الأرض كفره، أي: غطاه "نباته" أي: ما نبت من ذلك الغيث "ثم يهيج" أي ييبس "فتراه مصفرا" بعد خضرته وريه "ثم يكون حطاما" أي: يتحطم، وينكسر بعد يبسه . وشرح هذا المثل قد تقدم في "يونس" عند قوله تعالى: [ ص: 172 ] إنما مثل الحياة الدنيا [آية: 24]، وفي "الكهف" عند قوله تعالى: واضرب لهم مثل الحياة الدنيا [آية: 45] .

قوله تعالى: وفي الآخرة عذاب شديد أي: لأعداء الله ومغفرة من الله ورضوان لأوليائه وأهل طاعته . وما بعد هذا مذكور في [آل عمران: 185] إلى قوله: ذلك فضل الله فبين أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بفضل الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية