صفحة جزء
فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم .

قوله تعالى: فمن خاف من موص قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم (موص) ساكنة الواو ، وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم "موص" مفتوحة الواو مشددة الصاد . وفي المراد بالخوف هاهنا قولان . أحدهما: أنه العلم . والثاني: نفس الخوف . فعلى الأول; يكون الجور قد وجد . وعلى الثاني: يخشى وجوده . و "الجنف": الميل عن الحق . قال الزجاج: جنفا ، أي: ميلا ، أو إثما ، أي: قصد الإثم . وقال ابن عباس: الجنف: الخطأ ، والإثم: العمد . قال أبو سليمان الدمشقي: الجنف: الخروج عن الحق ، وقد يسمى به المخطئ والعامد ، إلا أن المفسرين عقلوا الجنف على المخطئ ، والإثم على العامد .

وفي توجيه هذه الآية قولان . أحدهما: أن معناها: من حضر رجلا يموت ، فأسرف في وصيته ، أو قصر عن حق; فليأمره بالعدل ، هذا قول مجاهد . والثاني: أن معناها: من أوصى بجور ، فرد وليه وصيته ، أو ردها إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وسنة نبيه; فلا إثم عليه ، وهذا قول قتادة .

قوله تعالى: (فأصلح بينهم) أي: بين الذين أوصى لهم ، ولم يجر لهم ذكر ، غير أنه لما ذكر الموصي أفاد مفهوم الخطاب أن هناك موصى له ، وأنشد الفراء:


وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني؟!     أألخير الذي أنا أبتغيه
أم الشر الذي هو يبتغيني



فكنى في البيت الأول عن الشر بعد ذكره الخير وحده ، لما في مفهوم اللفظ من الدلالة .

التالي السابق


الخدمات العلمية