صفحة جزء
كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها .

قوله تعالى: كذبت ثمود بطغواها أي: كذبت رسولها بطغيانها .

والمعنى: أن الطغيان حملهم على التكذيب . قال الفراء: أراد بطغواها: طغيانها، وهما مصدران، إلا أن الطغوى أشكل برؤوس الآيات، فاختير لذلك . وقيل: كذبوا العذاب إذ انبعث أي: انتدب أشقاها وهو: عاقر الناقة لعقرها فقال لهم رسول الله وهو صالح ناقة الله قال الفراء: نصب [ ص: 143 ] الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب . قال ابن قتيبة: المعنى: احذروا ناقة الله وشربها . وقال الزجاج: المعنى: ذروا ناقة الله " و " ذروا " سقياها " . قال المفسرون: سقياها: شربها من الماء . والمعنى: لا تتعرضوا ليوم شربها فكذبوه في تحذيره إياهم العذاب بعقرها فعقروها وقد بينا معنى " العقر " في [الأعراف: 77] فدمدم عليهم ربهم قال الزجاج: أي: أطبق عليهم العذاب . يقال: دمدمت على الشيء: إذا أطبقت فكررت الإطباق . وقال المؤرج: الدمدمة: إهلاك باستئصال .

وفي قوله تعالى: فسواها قولان .

أحدهما: سوى بينهم في الإهلاك، قاله السدي، ويحيى بن سلام . وقيل: سوى الدمدمة عليهم . والمعنى: أنه أهلك صغيرهم، وكبيرهم .

والثاني: سوى الأرض عليهم . قال مقاتل: سوى بيوتهم على قبورهم . وكانوا قد حفروا قبورا فاضطجعوا فيها، فلما صيح بهم فهلكوا زلزلت بيوتهم فوقعت على قبورهم .

قوله تعالى: ولا يخاف عقباها قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر، " فلا يخاف " بالفاء، وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام . وقرأ الباقون [ ص: 144 ] بالواو، وكذلك هي في مصاحف مكة، والكوفة، والبصرة .

وفي المشار إليه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه الله عز وجل، فالمعنى: لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم، ولا يخشى عقبى ما صنع، قاله ابن عباس، والحسن .

والثاني: أنه الذي عقرها، فالمعنى: أنه لم يخف عقبى ما صنع، وهذا مذهب الضحاك والسدي، وابن السائب . فعلى هذا الكلام تقديم وتأخير، تقديره: إذ انبعث أشقاها وهو لا يخاف عقباها .

والثالث: أنه نبي الله صالح لم يخف عقباها، حكاه الزجاج .

التالي السابق


الخدمات العلمية