صفحة جزء
قوله تعالى: يخادعون الله .

قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي ، ومعتب بن قشير ، والجد بن القيس; إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا ، ونشهد أن صاحبكم صادق ، فإذا خلوا لم يكونوا كذلك ، فنزلت هذه الآية .

فأما التفسير ، فالخديعة: الحيلة والمكر ، وسميت خديعة ، لأنها تكون في خفاء .

والمخدع: بيت داخل البيت تختفي فيه المرأة ، ورجل خادع: إذا فعل الخديعة ، سواء حصل مقصوده أو لم يحصل ، فإذا حصل مقصوده قيل: قد خدع . وانخدع الرجل: استجاب للخادع ، سواء تعمد الاستجابة أو لم يقصدها ، والعرب تسمي الدهر خداعا ، لتلونه بما يخفيه من خير وشر .

وفي معنى خداعهم الله خمسة أقوال .

أحدها: أنهم كانوا يخادعون المؤمنين ، فكأنهم خادعوا الله . روي عن ابن عباس; واختاره ابن قتيبة .

والثاني: أنهم كانوا يخادعون نبي الله فأقام الله نبيه مقامه كما قال: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله [ الفتح: 10 ] ، قاله الزجاج .

[ ص: 30 ] والثالث: أن الخادع عند العرب: الفاسد . وأنشدوا:


[أبيض اللون لذيذ طعمه ] طيب الريق إذا الريق خدع .



أي: فسد . رواه محمد بن القاسم عن ثعلب عن ابن الأعرابي . قال ابن القاسم: فتأويل يخادعون الله: يفسدون ما يظهرون من الإيمان بما يضمرون من الكفر .

والرابع: أنهم كانوا يفعلون في دين الله ما لو فعلوه بينهم كان خداعا .

والخامس: أنهم كانوا يخفون كفرهم ويظهرون الإيمان به .

التالي السابق


الخدمات العلمية