صفحة جزء
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب .

قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات قرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو رجاء العطاردي ، ومجاهد ، وابن محيصن "زين" بفتح الزاي "حب" بنصب الباء ، وقد سبق في "البقرة" بيان التزيين . والقناطير: جمع قنطار ، قال ابن دريد: ليست النون فيه أصلية ، وأحسب أنه معرب . واختلف العلماء: هل هو محدود أم لا؟ فيه قولان . أحدهما: أنه محدود ، ثم فيه [ ص: 359 ] أحد عشر قولا . أحدها: أنه ألف ومئتا أوقية ، رواه أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم وبه قال معاذ بن جبل ، وابن عمر ، وعاصم بن أبي النجود ، والحسن في رواية . والثاني: أنه اثنا عشر ألف أوقية ، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وعن أبي هريرة كالقولين ، وفي رواية عن أبي هريرة أيضا: اثنا عشر أوقية . والثالث: أنه ألف ومئتا دينار ، ذكره الحسن ورواه العوفي عن ابن عباس . والرابع: أنه اثنا عشر ألف درهم ، أو ألف دينار ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وروي عن الحسن ، والضحاك ، كهذا القول ، والذي قبله . والخامس: أنه سبعون ألف دينار ، روي عن ابن عمر ، ومجاهد . والسادس: ثمانون ألف درهم ، أو مئة رطل من الذهب ، روي عن سعيد بن المسيب ، وقتادة . والسابع: أنه سبعة آلاف دينار ، قاله عطاء . والثامن: ثمانية آلاف مثقال ، قاله السدي . والتاسع: أنه ألف مثقال ذهب أو فضة ، قاله الكلبي . والعاشر: أنه ملء مسك ثور ذهبا ، قاله أبو نضرة ، وأبو عبيدة . والحادي عشر: القنطار: رطل من الذهب ، أو الفضة ، حكاه ابن الأنباري . والقول الثاني: أن القنطار ليس بمحدود . وقال الربيع بن أنس: القنطار: المال الكثير ، بعضه على بعض ، وروي عن أبي عبيدة أنه ذكر عن العرب أن القنطار وزن لا يحد ، وهذا اختيار ابن جرير الطبري . قاله ابن الأنباري: قال بعض اللغويين: القنطار: العقدة الوثيقة المحكمة من المال . وفي معنى المقنطرة ثلاثة أقوال . أحدها: أنها المضعفة ، قال ابن عباس: القناطير ثلاثة ، والمقنطرة تسعة ، وهذا قول الفراء . والثاني: أنها المكملة ، كما تقول: بدرة مبدرة ، وألف مؤلفة ، وهذا قول ابن قتيبة . والثالث: أنها المضروبة حتى صارت دنانير ودراهم ، قاله السدي . وفي المسومة ثلاثة أقوال [ ص: 360 ] أحدها: أنها الراعية ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، ومجاهد في رواية ، والضحاك ، والسدي ، والربيع ، ومقاتل . قال ابن قتيبة: يقال: سامت الخيل ، وهي سائمة: إذا رعت ، وأسمتها وهي مسامة ، وسومتها فهي مسومة: إذا رعيتها والمسومة في غير هذا: المعلمة في الحرب بالسومة وبالسيماء ، أي: بالعلامة . والثاني: أنها المعلمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، واختاره الزجاج ، وعن الحسن كالقولين . وفي معنى المعلمة ثلاثة أقوال . أحدها: أنها معلمة بالشية ، وهو اللون الذي يخالف سائر لونها ، روي عن قتادة . والثاني: بالكي ، روي عن المؤرج . والثالث: أنها البلق ، قاله ابن كيسان . والثالث: أنها الحسان ، قاله ابن عكرمة ، ومجاهد . فأما الأنعام ، فقال ابن قتيبة: هي: الإبل ، والبقر ، والغنم ، واحدها . نعم ، وهو جمع لا واحد له من لفظه . والمآب: المرجع . وهذه الأشياء المذكورة قد تحسن نية العبد بالتلبس بها ، فيثاب عليها ، وإنما يتوجه الذم إلى سوء القصد فيها وبها .

التالي السابق


الخدمات العلمية