صفحة جزء
قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار [ ص: 386 ] قوله تعالى: (رب اجعل لي آية) أي: علامة على وجود الحمل . وفي علة سؤاله "آية" قولان . أحدهما: أن الشيطان جاءه ، فقال هذا الذي سمعت من صوت الشيطان ، ولو كان من وحي الله ، لأوحاه إليك ، كما يوحي إليك غيره ، فسأل الآية ، قاله السدي عن أشياخه . والثاني: أنه إنما سأل الآية على وجود الحمل ليبادر بالشكر ، وليتعجل السرور ، لأن شأن الحمل لا يتحقق بأوله ، فجعل الله آية وجود الحمل حبس لسانه ثلاثة أيام . فأما "الرمز" فقال الفراء: الرمز بالشفتين ، والحاجبين ، والعينين ، وأكثره في الشفتين . قال ابن عباس: جعل يكلم الناس بيده . وإنما منع من مخاطبة الناس ، ولم يحبس عن الذكر لله تعالى . وقال ابن زيد: كان يذكر الله ، ويشير إلى الناس . وقال عطاء بن السائب: اعتقل لسانه من غير مرض . وجمهور العلماء على أنه إنما اعتقل لسانه آية على وجود الحمل . وقال قتادة ، والربيع بن أنس: كان ذلك عقوبة له إذ سأل الآية بعد مشافهة الملائكة بالبشارة .

قوله تعالى: (وسبح) قال مقاتل: صل . قال الزجاج: يقال: فرغت من سبحتي ، أي: من صلاتي . وسميت الصلاة تسبيحا ، لأن التسبيح تعظيم الله ، وتبرئته من السوء ، فالصلاة يوصف فيها بكل ما يبرئه من السوء .

قوله تعالى: (بالعشي) العشي: من حين نزول الشمس إلى آخر النهار (والإبكار): ما بين طلوع الفجر إلى وقت الضحى: قال الشاعر:


فلا الظل في برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي يذوق



قال الزجاج: يقال: أبكر الرجل يبكر إبكارا ، وبكر يبكر تبكيرا ، وبكر يبكر [ ص: 387 ] في كل شيء تقدم فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية