صفحة جزء
إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .

قوله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها: أن الأشعث بن قيس خاصم بعض اليهود في أرض ، فجحده اليهودي ، فقدمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال [له ]: "ألك بينة"؟ قال: لا . قال لليهودي: "أتحلف"؟ فقال [ ص: 411 ] الأشعث: إذا يحلف فيذهب بمالي . فنزلت هذه الآية . أخرجه البخاري ومسلم . والثاني: أنها نزلت في اليهود ، عهد الله إليهم في التوراة تبيين صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، فجحدوا ، وخالفوا لما كانوا ينالون من سفلتهم من الدنيا ، هذا قول عكرمة ، ومقاتل . والثالث: أن رجلا أقام سلعته في السوق أول النهار ، فلما كان آخره ، جاء رجل ، يساومه ، فحلف: لقد منعها أول النهار من كذا ، ولولا المساء لما باعها به ، فنزلت هذا الآية ، هذا قول الشعبي ، ومجاهد . فعلى القول الأول ، والثالث: العهد: لزوم الطاعة ، وترك المعصية ، وعلى الثاني: ما عهده إلى اليهود في التوراة . واليمين: الحلف . وإن قلنا: إنها في اليهود ، والكفار ، فإن الله لا يكلمهم يوم القيامة أصلا . وإن قلنا: إنها في العصاة ، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: لا يكلمهم الله كلام خير . ومعنى (ولا ينظر إليهم) ، أي: لا يعطف عليهم بخير مقتا لهم ، قال الزجاج: تقول: فلان لا ينظر إلى فلان ، ولا يكلمه ، معناه: أنه غضبان عليه .

قوله تعالى: (ولا يزكيهم) أي: لا يطهرهم من دنس كفرهم وذنوبهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية