صفحة جزء
قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون .

اختلفوا فيمن نزلت على قولين أحدهما: أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه . قاله ابن عباس . والثاني: أنها نزلت في المنافقين وغيرهم من أهل الكتاب الذين كانوا يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان ما يلقون رؤساءهم بضده ، قاله الحسن .

فأما التفسير فـ "إلى" بمعنى "مع" كقوله تعالى: من أنصاري إلى الله أي: مع الله . والشياطين: جمع شيطان ، قال الخليل: كل متمرد عند العرب شيطان . وفي هذا الاسم قولان . أحدهما: أنه من شطن ، أي: بعد عن الخير ، فعلى هذا تكون النون أصلية .

قال أمية بن أبي الصلت في صفة سليمان عليه السلام:


أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلال



عكاه: أوثقه . وقال النابغة:

[ ص: 35 ]

نأت بسعاد عنك نوى شطون     فبانت والفؤاد بها رهين .



والثاني: أنه من شاط يشيط: إذا التهب واحترق ، فتكون النون زائدة . وأنشدوا:


وقد يشيط على أرماحنا البطل



أي: يهلك .

وفي المراد بشياطينهم ثلاثة أقوال . أحدها: أنهم رؤوسهم في الكفر ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، والسدي . والثاني: إخوانهم من المشركين ، قاله أبو العالية ، ومجاهد . والثالث: كهنتهم قاله الضحاك ، والكلبي .

قوله تعالى: إنا معكم .

فيه قولان . أحدهما: أنهم أرادوا: إنا معكم على دينكم . والثاني: إنا معكم على النصرة والمعاضدة . والهزء: السخرية .

التالي السابق


الخدمات العلمية