صفحة جزء
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

قال عكرمة: نزلت في الأوس والخزرج حين اقتتلوا ، وأصلح النبي صلى الله عليه وسلم بينهم . وفي "حق تقاته" ثلاثة أقوال . أحدها: أن يطاع الله فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر ، رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهو قول ابن مسعود ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة ، ومقاتل . والثاني: أن يجاهد في الله حق الجهاد ، وأن لا يأخذ العبد فيه [ ص: 432 ] لومة لائم ، وأن يقوموا له بالقسط ، ولو على أنفسهم ، وآبائهم ، وأبنائهم ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث: أن معناه: اتقوه فيما يحق عليكم أن تتقوه فيه ، قاله الزجاج .

فصل

واختلف العلماء: هل هذا الكلام محكم أو منسوخ؟ على قولين . أحدهما: أنه منسوخ ، وهو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن زيد ، والسدي ، ومقاتل . قالوا: لما نزلت هذه الآية ، شقت على المسلمين ، فنسخها قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم [ التغابن: 16 ] . والثاني: أنها محكمة ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وهو قول طاووس . قال شيخنا علي بن عبد الله: والاختلاف في نسخها وإحكامها ، يرجع إلى اختلاف المعنى المراد بها فالمعتقد نسخها يرى أن "حق تقاته" الوقوف على جميع ما يجب له ويستحقه ، وهذا يعجز الكل عن الوفاء به ، فتحصيله من الواحد ممتنع ، والمعتقد إحكامها يرى أن "حق تقاته" أداء ما يلزم العبد على قدر طاقته ، فكان قوله تعالى: (ما استطعتم) مفسرا لـ"حق تقاته" لا ناسخا ولا مخصصا .

التالي السابق


الخدمات العلمية