صفحة جزء
وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون

[ ص: 521 ] قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) فيهم ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم اليهود ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، والسدي ، ومقاتل . فعلى هذا ، الكتاب: التوراة .

والثاني: أنهم اليهود ، والنصارى ، والكتاب: التوراة والإنجيل .

والثالث: أنهم جميع العلماء ، فيكون الكتاب اسم جنس .

قوله تعالى: (لتبيننه للناس) .

قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو بكر ، والمفضل عن عاصم ، وزيد عن يعقوب (ليبيننه للناس ولا يكتمونه) بالياء فيهما ، وقرأ الباقون ، وحفص عن عاصم بالتاء فيهما . وفي هاء الكناية في "لتبيننه" و"تكتمونه" قولان .

أحدهما: أنها ترجع إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول من قال: هم اليهود .

والثاني: أنها ترجع إلى الكتاب ، قاله الحسن ، وقتادة ، وهو أصح ، لأن الكتاب أقرب المذكورين ، ولأن من ضرورة تبيينهم ما فيه إظهار صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول من ذهب إلى أنه عام في كل كتاب . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا .

قوله تعالى: (فنبذوه) قال الزجاج: أي: رموا به ، يقال: للذي يطرح الشيء ولا يعبأ به: قد جعلت هذا الأمر بظهر . قال الفرزدق:


تميم بن قيس لا تكونن حاجتي بظهر ولا يعيا علي جوابها



[ ص: 522 ] معناه: لا تكونن حاجتي مهملة عندك ، مطرحة . وفي هاء "فنبذوه" قولان .

أحدهما: أنها تعود إلى الميثاق . والثاني: إلى الكتاب .

قوله تعالى: (واشتروا به) يعني: استبدلوا بما أخذ الله عليهم القيام به ، ووعدهم عليه الجنة (ثمنا قليلا) أي: عرضا يسيرا من الدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية