صفحة جزء
من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا

[ ص: 150 ] قوله تعالى: من يشفع شفاعة حسنة في المراد بالشفاعة أربعة أقوال .

أحدها: أنها شفاعة الإنسان للإنسان ، ليجتلب له نفعا ، أو يخلصه من بلاء ، وهذا قول الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد . والثاني: أنها الإصلاح بين اثنين ، قاله ابن السائب . والثالث: أنه الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ، ذكره الماوردي . والرابع: أن المعنى: من يصر شفعا لوتر أصحابك يا محمد ، فيشفعهم في جهاد عدوهم وقتالهم في سبيل الله ، قاله ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي .

وفي الشفاعة السيئة ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها السعي بالنميمة ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . والثاني: أنها الدعاء على المؤمنين والمؤمنات ، وكانت اليهود تفعله ، ذكره الماوردي . والثالث: أن المعنى من يشفع وتر أهل الكفر ، فيقاتل المؤمنين ، قاله ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي . قال الزجاج : و "الكفل" في اللغة: النصيب ، وأخذ من قولهم: اكتفلت البعير: إذ أدرت على سنامه ، أو على موضع من ظهره كساء ، وركبت عليه . وإنما قيل له: كفل ، لأنه لم يستعمل الظهر كله ، وإنما استعمل نصيبا منه . وفي "المقيت" سبعة أقوال .

أحدها: أنه المقتدر ، قال أحيحة بن الجلاح:


وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا



[ ص: 151 ] وإلى هذا المعنى ذهب ابن عباس ، وابن جرير ، والسدي ، وابن زيد ، والفراء ، وأبو عبيد ، وابن قتيبة ، والخطابي .

والثاني: أنه الحفيظ ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والزجاج . وقال: هو بالحفيظ أشبه ، لأنه مشتق من القوت ، يقال: قت الرجل أقوته قوتا: إذا حفظت عليه نفسه بما يقوته . والقوت: اسم الشيء الذي يحفظ نفسه [ولا فضل فيه على قدر الحفظ] ، فمعنى المقيت: الحافظ الذي يعطي الشيء على قدر الحاجة من الحفظ . قال الشاعر :


ألي الفضل أم علي إذا حو     سبت أني على الحساب مقيت



والثالث: أنه الشهيد ، رواه ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، واختاره أبو سليمان الدمشقي . والرابع: أنه الحسيب ، رواه خصيف عن مجاهد . والخامس: الرقيب ، رواه أبو شيبة عن عطاء . والسادس: الدائم ، رواه ابن جريج عن عبد الله بن كثير . والسابع: أنه معطي القوت ، قاله مقاتل بن سليمان . وقال الخطابي: المقيت يكون بمعنى: معطي القوت ، قال الفراء: يقال قاته وأقاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية