صفحة جزء
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا

قوله تعالى: ومن يكسب خطيئة أو إثما جمهور العلماء على أنها نزلت متعلقة [ ص: 195 ] بقصة طعمة بن أبيرق . وقد روى الضحاك عن ابن عباس: أنها نزلت في عبد الله ابن أبي بن سلول إذ رمى عائشة عليها السلام بالإفك .

وفي قوله: خطيئة أو إثما أربعة أقوال .

أحدها: أن "الخطيئة" يمين السارق الكاذبة ، و "الإثم": سرقته الدرع ، ورميه اليهودي ، قاله ابن السائب .

والثاني: أن "الخطيئة" ما يتعلق به من الذنب ، و "الإثم": قذفه البريء ، قاله مقاتل .

والثالث: أن "الخطيئة" قد تقع عن عمد ، وقد تقع عن خطإ ، و "الإثم": يختص العمد قاله ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي . وذكر الزجاج : أن الخطيئة نحو قتل الخطإ الذي يرتفع فيه الإثم .

والرابع: أنه لما سمى الله عز وجل بعض المعاصي خطيئة ، وبعضها إثما ، أعلم أن من كسب ما يقع عليه أحد هذين الاسمين ، ثم قذف به بريئا ، فقد احتمل بهتانا ، ذكره الزجاج أيضا . فأما قوله: ثم يرم به بريئا أي: يقذف بما جناه بريئا منه .

فإن قيل: الخطيئة والإثم اثنان ، فكيف قال: به ، فعنه أربعة أجوبة .

أحدها: أنه أراد: ثم يرم بهما ، فاكتفى بإعادة الذكر على الإثم من إعادته على الخطيئة ، كقوله: انفضوا إليها فخص التجارة ، والمعنى: للتجارة واللهو .

والثاني: أن "الهاء" تعود على الكسب ، فلما دل بـ "يكسب" على الكسب ، كنى عنه . والثالث: أن "الهاء" راجعة على معنى الخطيئة والإثم ، كأنه قال: ومن يكسب ذنبا ، ثم يرم به . ذكر هذه الأقوال . ابن الأنباري .

والرابع: أن الهاء تعود على الإثم خاصة ، قاله ابن جرير الطبري .

وفي المراد بالبريء: الذي قذفه هذا السارق قولان . [ ص: 196 ] أحدهما: أنه كان يهوديا ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وابن سيرين ، وقتادة ، وابن زيد ، وسماه عكرمة ، وقتادة: زيد بن السمير .

والثاني: أنه كان مسلما ، روي عن ابن عباس ، وقتادة بن النعمان ، والسدي ، ومقاتل . واختلفوا في ذلك المسلم ، فقال: الضحاك عن ابن عباس: هو عائشة لما قذفها ابن أبي ، وقال قتادة بن النعمان: هو لبيد بن سهل . وقال السدي ، ومقاتل: هو أبو مليل الأنصاري . فأما البهتان: فهو الكذب الذي يحير من عظمه ، يقال: بهت الرجل: إذا تحير . قال ابن السائب: فقد احتمل بهتانا برميه البريء ، وإثما مبينا بيمينه الكاذبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية