صفحة جزء
لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما

[ ص: 198 ] قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم قال ابن عباس : هم قوم طعمة ، وقال مقاتل: وكلهم يهود تناجوا في أمر طعمة ، وقال مجاهد: هو عام في نجوى جميع الناس . قال الزجاج : ومعنى النجوى: ما تنفرد به الجماعة أو الاثنان ، سرا كان أو ظاهرا . ومعنى "نجوت الشيء" في اللغة: خلصته وألقيته ، يقال: نجوت الجلد: إذا ألقيته عن البعير وغيره . قال الشاعر:


فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه



وقد نجوت فلانا: إذا استنكهته ، قال الشاعر:

نجوت مجالدا فوجدت منه     كريح الكلب مات قديم عهد



[ ص: 199 ] وأصله كله من النجوة ، وهو ما ارتفع من الأرض ، قال الشاعر ، يصف سيلا:

فمن بنجوته كمن بعقوته     والمستكن كمن يمشي بقرواح



والمراد بنجواهم: ما يدبرونه بينهم من الكلام .

فأما قوله: إلا من أمر بصدقة ، فيجوز أن يكون بمعنى: إلا في نجوى من أمر بصدقة ، ويجوز أن يكون استثناء ليس من الأول ، فيكون بمعنى: لكن من أمر بصدقة ، ففي نجواهم خير . وأما قوله: (أمر بصدقة) فالمعنى: حث عليها .

وأما المعروف ، ففيه قولان . [ ص: 200 ] أحدهما: أنه الفرض ، روي عن ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أنه عام في جميع أفعال البر ، وهو اختيار القاضي أبي يعلى ، وأبي سليمان الدمشقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية