صفحة جزء
يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا: لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب

قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل قال الزجاج : نصب "يوم" محمول على قوله: واتقوا الله : واتقوا يوم جمعه للرسل . ومعنى مسألته للرسل توبيخ الذين أرسلوا إليهم . فأما قول الرسل: "لا علم لنا" ففيه ستة أقوال .

أحدها: أنهم طاشت عقولهم حين زفرت جهنم ، فقالوا: "لا علم لنا" ثم ترد إليهم عقولهم ، فينطلقون بحجتهم ، رواه أبو الضحى عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، والسدي .

والثاني: أن المعنى: (لا علم لنا) إلا علم أنت أعلم به منا ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

والثالث: أن المراد بقوله: ماذا أجبتم : ماذا عملوا بعدكم ، وأحدثوا ، فيقولون: لا علم لنا ، قاله ابن جريج ، وفيه بعد .

والرابع: أن المعنى: لا علم لنا مع علمك ، لأنك تعلم الغيب ، ذكره الزجاج .

والخامس: أن المعنى: لا علم لنا كعلمك ، إذ كنت تعلم ما أظهر القوم وما أضمروا ، ونحن نعلم ما أظهروا ، ولا نعلم ما أضمروا ، فعلمك فيهم أنفذ من علمنا ، هذا اختيار ابن الأنباري .

[ ص: 454 ] والسادس: لا علم لنا بجميع أفعالهم إذ كنا نعلم بعضها وقت حياتنا ، ولا نعلم ما كان بعد وفاتنا ، وإنما يستحق الجزاء بما تقع به الخاتمة ، حكاه ابن الأنباري . قال المفسرون: إذا رد الأنبياء العلم إلى الله أبلست الأمم ، وعلمت أن ما أتته في الدنيا غير غائب عنه ، وأن الكل لا يخرجون عن قبضته .

قوله تعالى: علام الغيوب قال الخطابي: العلام: بمنزلة العليم ، وبناء "فعال" بناء التكثير ، فأما "الغيوب" فجمع غيب ، وهو ما غاب عنك .

التالي السابق


الخدمات العلمية