صفحة جزء
ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين

قوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار في معنى "وقفوا" ستة أقوال .

أحدها: حبسوا عليها ، قاله ابن السائب . والثاني: عرضوا عليها ، قاله مقاتل .

والثالث: عاينوها . والرابع: وقفوا عليها وهي تحتهم .

والخامس: دخلوا إليها فرفعوا مقدار عذابها ، تقول: وقفت على ما عند فلان ، أي: فهمته وتبينته ، ذكر هذه الأقوال الثلاثة الزجاج ، واختار الأخير . وقال ابن جرير: "على" هاهنا بمعنى "في"

والسادس: جعلوا عليها وقفا ، كالوقوف المؤبدة على سبلها ، ذكره الماوردي . والخطاب بهذه الآية للنبي صلى الله عليه وسلم ، والوعيد للكفار ، وجواب لو "محذوف" ومعناه: لو رأيتهم في تلك الحال: لرأيت عجبا .

قوله تعالى: ولا نكذب بآيات ربنا قرأ ابن كثير ، ونافع وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو بكر ، عن عاصم برفع الباء من "نكذب" والنون من "نكون"

قال الزجاج : والمعنى أنهم تمنوا الرد ، وضمنوا أنهم لا يكذبون . والمعنى: يا ليتنا نرد ، ونحن لا نكذب بآيات ربنا ، رددنا أو لم نرد ، ونكون من المؤمنين ، لأنا قد عاينا ما لا نكذب معه أبدا .

قال ويجوز الرفع على وجه آخر ، على معنى" يا ليتنا نرد" ، يا ليتنا لا نكذب ، كأنهم تمنوا الرد والتوفيق للتصديق .

[ ص: 23 ] وقال الأخفش: إذا رفعت جعلته على مثل اليمين ، كأنهم قالوا: ولا نكذب والله- بآيات ربنا ، ونكون والله- من المؤمنين . وقرأ حمزة إلا العجلي وحفص عن عاصم ، ويعقوب: بنصب الباء من "نكذب" ، والنون من "نكون"

قال مكي بن أبي طالب: وهذا النصب على جواب التمني ، وذلك بإضمار "أن" ، حملا على مصدر "نرد" فأضمرت "أن" لتكون مع الفعل مصدرا ، فعطف بالواو مصدرا على مصدر .

وتقديره: يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب ، وكونا من المؤمنين . وقرأ ابن عامر برفع الباء من "نكذب" ونصب النون من "نكون" ، فالرفع قد بينا علته ، والنصب على جواب التمني .

التالي السابق


الخدمات العلمية