صفحة جزء
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون

قوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه سبب نزولها: مجادلة المشركين للمؤمنين في قولهم: أتأكلون مما قتلتم ، ولا تأكلون ما قتل الله! على ما ذكرنا في سبب قوله تعالى: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه [الأنعام:118] هذا قول ابن عباس . وقال عكرمة: كتبت فارس إلى قريش: إن محمدا وأصحابه لا يأكلون ما ذبحه الله ، ويأكلون ما ذبحوا لأنفسهم فكتب المشركون إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء ، فنزلت هذه الآية [ ص: 115 ] وفي المراد بما لم يذكر اسم الله عليه أربعة أقوال .

أحدها: أنه الميتة ، . رواه ابن جبير عن ابن عباس .

والثاني: أنه الميتة والمنخنقة ، إلى قوله: "وما ذبح" على النصب [المائدة:3] روي عن ابن عباس .

والثالث: أنها ذبائح كانت العرب تذبحها لأوثانها ، قاله عطاء .

والرابع: أنه عام فيما لم يسم الله عند ذبحه; وإلى هذا المعنى ذهب عبد الله بن يزيد الخطمي ، ومحمد بن سيرين .

فصل

فإن تعمد ترك التسمية ، فهل يباح؟ فيه عن أحمد روايتان . وإن تركها ناسيا أبيحت . وقال الشافعي: لا يحرم في الحالين جميعا ، وقال شيخنا علي بن عبيد الله: فإذا قلنا: إن ترك التسمية عمدا يمنع الإباحة ، فقد نسخ من هذه الآية ذبائح أهل الكتاب بقوله: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [المائدة:5] وعلى قول الشافعي: الآية محكمة .

قوله تعالى: وإنه لفسق يعني: وإن أكل ما لم يذكر عليه اسم الله لفسق ، أي: خروج عن الحق والدين . وفي المراد بالشياطين هاهنا قولان .

أحدهما: أنهم شياطين الجن ، روي عن ابن عباس .

والثاني: قوم من أهل فارس ، وقد ذكرناه عن عكرمة; فعلى الأول: وحيهم الوسوسة ، وعلى الثاني: وحيهم الرسالة . والمراد بـ "أوليائهم" الكفار الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك أكل الميتة . ثم فيهم قولان . [ ص: 116 ] أحدهما: أنهم مشركو قريش . والثاني: اليهود; وإن أطعتموهم في استحلال الميتة إنكم لمشركون .

التالي السابق


الخدمات العلمية