صفحة جزء
أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون

قوله تعالى: أومن كان ميتا فأحييناه اختلفوا فيمن نزلت على خمسة أقوال .

أحدها: أنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب ، وأبي جهل ، وذلك أن أبا جهل رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرث ، وحمزة لم يؤمن بعد ، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل ، فأقبل حتى علا أبا جهل بالقوس ، فقال له: أما ترى ما جاء به؟ سفه عقولنا ، وسب آلهتنا ، فقال حمزة: ومن أسفه منكم ، تعبدون الحجارة من دون الله؟ أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس .

والثاني: أنها نزلت في عمار بن ياسر ، وأبي جهل ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة .

والثالث: في عمر بن الخطاب ، وأبي جهل ، قاله زيد بن أسلم ، والضحاك .

والرابع: في النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي جهل ، قاله مقاتل .

والخامس: أنها عامة في كل مؤمن وكافر ، قاله الحسن في آخرين .

وفي قوله: كان ميتا فأحييناه قولان .

أحدهما: كان ضالا فهديناه ، قاله مجاهد . [ ص: 117 ] والثاني: كان جاهلا ، فعلمناه ، قاله الماوردي . وقرأ نافع: "ميتا" بالتشديد . قال أبو عبيدة: الميتة ، مخففة: من ميتة ، والمعنى واحد . وفي "النور" ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الهدى ، قاله ابن عباس . والثاني: القرآن ، قاله الحسن . والثالث: العلم . وفي قوله: يمشي به في الناس ثلاثة أقوال .

أحدها: يهتدي به في الناس ، قاله مقاتل . والثاني: يمشي به بين الناس إلى الجنة . والثالث: ينشر به دينه في الناس ، فيصير كالماشي ، ذكرهما الماوردي .

قوله تعالى: كمن مثله المثل: صلة; والمعنى كمن هو في الظلمات . وقيل: المعنى: كمن لو شبه بشيء ، كان شبيهه من في الظلمات . وقيل: المراد بالظلمات هاهنا: الكفر .

قوله تعالى: وكذلك زين أي: كما بقي هذا في ظلماته لا يتخلص منها ، كذلك زين "للكافرين ما كانوا يعملون" من الشرك والمعاصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية