صفحة جزء
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون

قوله تعالى: وكم من قرية أهلكناها كم تدل على الكثرة ، و"رب" موضوعة للقلة . قال الزجاج : المعنى: وكم من أهل قرية ، فحذف الأهل ، لأن في الكلام دليلا عليه .

و قوله تعالى: فجاءها بأسنا محمول على لفظ القرية; والمعنى: فجاءهم بأسنا غفلة وهم غير متوقعين له; إما ليلا وهم نائمون ، أو نهارا وهم قائلون . قال ابن قتيبة: بأسنا: عذابنا . وبياتا: ليلا . وقائلون: من القائلة نصف النهار . فإن قيل: إنما أتاها البأس قبل الإهلاك ، فكيف يقدم الهلاك؟ فعنه ثلاثة أجوبة . [ ص: 168 ] أحدها: أن الهلاك والبأس يقعان معا ، كما تقول: أعطيتني فأحسنت; وليس الإحسان بعد الإعطاء ولا قبله ، وإنما وقعا معا ، قاله الفراء .

والثاني: أن الكون مضمر في الآية ، تقديره: أهلكناها ، وكان بأسنا قد جاءها ، فأضمر الكون ، كما أضمر في قوله: واتبعوا ما تتلو الشياطين [البقرة:102] ، أي: ما كانت الشياطين تتلوه . وقوله تعالى: إن يسرق [يوسف:77] أي: إن يكن سرق .

والثالث: أن في الآية تقديما وتأخيرا ، تقديره: وكم من قرية جاءها بأسنا بياتا ، أو هم قائلون فأهلكناها ، كقوله تعالى: إني متوفيك ورافعك إلي [آل عمران:55] ، أي: رافعك ومتوفيك ، ذكرهما ابن الأنباري .

قوله تعالى: أو هم قائلون قال الفراء: فيه واو مضمرة; والمعنى: فجاءها بأسنا بياتا ، أو وهم قائلون ، فاستثقلوا نسقا على نسق .

التالي السابق


الخدمات العلمية