صفحة جزء
قوله تعالى: وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين الهبوط بضم الهاء: الانحدار من علو ، وبفتح الهاء: المكان الذي يهبط فيه ، وإلى من انصرف هذا الخطاب؟ فيه ستة أقوال . أحدها: أنه انصرف إلى آدم وحواء والحية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني: إلى آدم وحواء وإبليس والحية ، حكاه السدي عن ابن عباس . والثالث: إلى آدم وإبليس ، قاله مجاهد . والرابع: إلى آدم وحواء وإبليس ، قاله مقاتل . والخامس: إلى آدم وحواء وذريتهما ، قاله الفراء . والسادس: إلى آدم وحواء فحسب ، ويكون لفظ الجمع واقعا على التثنية ، كقوله: وكنا لحكمهم شاهدين [ الأنبياء: 78 ] ذكره ابن الأنباري ، وهو العلة في قول مجاهد أيضا .

واختلف العلماء: هل أهبطوا جملة أو متفرقين؟ على قولين .

أحدهما: أنهم أهبطوا جملة ، لكنهم نزلوا في بلاد متفرقة ، قاله كعب ، ووهب .

والثاني: أنهم أهبطوا متفرقين ، فهبط إبليس قبل آدم ، وهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بالأبلة ، قاله مقاتل . وروي عن ابن عباس أنه قال: أهبطت الحية بنصيبين ، قال: وأمر الله تعالى جبريل بإخراج آدم ، فقبض على ناصيته وخلصه من الشجرة التي قبضت عليه ، فقال: أيها الملك ارفق بي . قال جبريل: إني لا أرفق بمن عصى الله ، فارتعد آدم واضطرب ، وذهب كلامه ، وجبريل يعاتبه في معصيته ، ويعدد نعم الله عليه ، قال: [ ص: 69 ] وأدخل الجنة ضحوة ، واخرج منها بين الصلاتين ، فمكث فيها نصف يوم ، خمسمائة عام مما يعد أهل الدنيا .

وفي العداوة المذكورة هاهنا ثلاثة أقوال .

أحدها: أن ذرية بعضهم أعداء لبعض ، قاله مجاهد . والثاني: أن إبليس عدو لآدم وحواء ، وهما له عدو ، قاله مقاتل . والثالث: أن إبليس عدو للمؤمنين ، وهم أعداؤه ، قاله الزجاج .

وفي المستقر قولان . أحدهما: أن المراد به القبور ، حكاه السدي عن ابن عباس . والثاني: موضع الاستقرار ، قاله أبو العالية ، وابن زيد ، والزجاج ، وابن قتيبة ، وهو أصح .

والمتاع: المنفعة . والحين: الزمان: قال ابن عباس: (إلى حين) ، أي: إلى فناء الأجل بالموت .

التالي السابق


الخدمات العلمية