صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[192] ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون

" ولا يستطيعون لهم أي لعبدتهم إذا حزبهم أمر " نصرا أي بجلب نفع، أو دفع ضر " ولا أنفسهم ينصرون إذا اعترتهم حادثة من الحوادث، كما قال تعالى: [ ص: 2924 ] وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه وكما كان الخليل عليه الصلاة والسلام يكسر أصنام قومه، ويهينها غاية الإهانة.

وقد حكى ابن كثير أن معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما أسلما لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكانا شابين، فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين، يكسرانها ويتلفانها، ويتخذانها حطبا للأرامل، ليعتبر قومهما. وكان لعمرو بن الجموح -وكان سيدا في قومه- صنم يعبده ويطيبه، فكانا يجيئان في الليل، فينكسانه على رأسه، ويلطخانه بالعذرة، فيجيء عمرو بن الجموح ، فيرى ما صنع به، فيغسله ويطيبه، ويضع عنده سيفا، ويقول له: انتصر، ثم يعودان لمثل ذلك، ويعود إلى صنيعه أيضا. حتى أخذاه مرة، فقرناه مع كلب ميت، ودلياه في حبل في بئر هناك، فلما جاء عمرو بن الجموح ، ورأى ذلك نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل. وقال:


تالله لو كنت إلها مستدن لم تك والكلب جميعا في قرن



(مستدن: ذليل مستعبد. والقرن: الحبل).

ثم أسلم فحسن إسلامه، وقتل يوم أحد شهيدا، رضي الله عنه وأرضاه.

(انظر سيرة ابن هشام ج2 ص95 طبعة الحلبي. وص303 طبعة جوتنجن).

تنبيه:

قال الجشمي : تدل الآية على صحة الحجاج في الدين، لأن قوله: أيشركون ما لا يخلق الآية - حجاج، وتدل على أن المستحق للعبادة الذي يخلق وينعم ويقدر على النفع والضر هو الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية