القول في تأويل قوله تعالى : 
[ 2 ] 
إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون  . 
إنما المؤمنون أي : الكاملون المخلصون فيه 
الذين إذا ذكر الله أي : حقه أو وعيده 
وجلت قلوبهم أي : فزعت لذكره ، واقشعرت إشفاقا ألا تكون قامت بحقه ، وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه ، وبطشه بالعصاة وعقابه . 
قال 
الجشمي   : ومتى قيل : لم جاز وصفهم هاهنا بالوجل والطمأنينة في قوله : 
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر فجوابنا فيه وجوه : 
منها : أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر نعمه ، وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه . 
ومنها : أن قلوبهم تطمئن لمعرفة توحيده ، ووعده ، ووعيده ، فعند ذلك توجل لأوامره ونواهيه ، خوف التقصير في الواجبات ، والإقدام على المعاصي ، والمستقبل يتغير حاله . انتهى . 
وإذا تليت عليهم آياته أي : حججه وهي القرآن 
زادتهم إيمانا أي : يقينا وطمأنينة نفس ، إلى ما عندهم ; فإن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه ، وأثبت لقدمه .  
[ ص: 2950 ] وقد استدل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها ، على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب ، كما هو مذهب جمهور الأمة ، بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي   nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل  وأبي عبيد   . 
وعلى ربهم يتوكلون أي : لا يرجون سواه ، ولا يخشون غيره ، ولا يفوضون أمورهم إلى غيره . 
ولما ذكر تعالى من أعمالهم الحسنة أعمال القلوب من الخشية والإخلاص والتوكل ، أعقبه بأعمال الجوارح من الصلاة والصدقة ، بقوله سبحانه :