صفحة جزء
[ ص: 3027 ] القول في تأويل قوله تعالى :

[ 61 ] وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم .

وإن جنحوا أي : مالوا وانقادوا للسلم بكسر السين وفتحها ، لغتان ، وقد قرئ بهما ، أي : الصلح والاستسلام بوقوع الرهبة في قلوبهم ، بمشاهدة ما بكم من الاستعداد ، وإعتاد العتاد فاجنح لها أي : فمل إلى موافقتهم وصالحهم وعاهدهم ، وإن قدرت على محاربتهم ، لأن الموافقة أدعى لهم إلى الإيمان .

ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ، ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين ، أجابهم إلى ذلك ، مع ما اشترطوا من الشروط الأخر . و ( السلم ) يذكر ويؤنث ، كما في _" القاموس "_ .

قال الزمخشري : ( السلم ) تؤنث تأنيث نقيضها ، وهي الحرب .

قال العباس بن مرداس :


السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع



وتوكل على الله أي : لا تخف في الصلح مكرهم ، فإنه يعصمك من مكرهم ، إنه هو السميع لأقوالهم العليم أي : بأحوالهم ، فيؤاخذهم بما يستحقون ويرد كيدهم في نحرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية