القول في تأويل قوله تعالى : 
[ 71 ] 
وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم  . 
وإن يريدوا أي : الأسرى 
خيانتك أي : نكث ما بايعوك عليه من الإسلام بالردة ، أو منع ما ضمنوا من الفداء 
فقد خانوا الله من قبل أي : من قبل 
 ( بدر )  بالكفر به . 
فأمكن منهم أي : فأمكنك منهم ، أي : أظفرك بهم قتلا وأسرا ، كما رأيتم يوم 
بدر  ، فسيمكن منهم إن عادوا إلى الخيانة 
والله عليم حكيم أي : عليم بما في بواطنهم من إيمان وتصديق ، أو خيانة ونقض عهد ، حكيم يجازي كلا بعلمه ، الخير بالثواب ، والشر بالعقاب .  
[ ص: 3042 ] روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16493ابن هشام  في ( السيرة ) أن فداء المشركين يوم 
بدر  كان أربعة آلاف درهم بالرجل إلى ألف درهم ، إلا من لا شيء له ، فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق   : كان أكثر الأسارى يوم 
بدر  فداء 
 nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  ، وذلك أنه كان رجلا موسرا ، فافتدى نفسه بمائة أوقية ذهبا . 
وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  nindex.php?page=hadith&LINKID=653714أن رجالا من الأنصار  قالوا : يا رسول الله ! ائذن لنا ، فنترك لابن أختنا  nindex.php?page=showalam&ids=18عباس  فداءه . قال : « لا والله ! لا تذرون منه درهما »  . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق  أن  nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  قال : يا رسول الله ! قد كنت مسلما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الله أعلم بإسلامك ، فإن يكن كما تقول ، فإن الله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا ، فافتد نفسك وابني أخيك نوفلا وعقيلا وحليفك عتبة » . قال : ما ذاك عندي يا رسول الله ! قال : « فأين المال الذي دفنته أنت  nindex.php?page=showalam&ids=11696وأم الفضل  » ، فقلت لها : إن أصبت في سفري هذا ، فهذا المال الذي دفنته لبني : الفضل  وعبد الله  وقثم  ؟ قال : والله ! يا رسول الله ، إني لأعلم أنك رسول الله ، إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل  ، فاحسب لي يا رسول الله ، ما أصبتم من عشرين أوقية من مال كان معي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ، ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك » . 
ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه ، فأنزل الله عز وجل فيه : يا أيها النبي قل لمن في أيديكم الآية . 
قال  nindex.php?page=showalam&ids=18العباس   : فأعطاني الله مكان العشرين الأوقية في الإسلام ، عشرين عبدا كلهم في يده مال ، يضرب به ، مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل .  [ ص: 3043 ] وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق  أيضا أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  كان يقول : في نزلت ، والله ! حين ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامي . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
عطاء بن عباس  ، 
أن عباسا  وأصحابه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : آمنا بما جئت به ، ونشهد أنك رسول الله ، لننصحن لك على قومنا ، فأنزل الله تعالى : إن يعلم الله في قلوبكم الآية . قال ، فكان  nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  يقول : ما أحب أن هذه الآية لم تنزل فينا ، وأن لي الدنيا ، لقد قال : يؤتكم خيرا مما أخذ منكم فقد أعطاني خيرا مما أخذ مني مائة ضعف . وقال : ويغفر لكم وأرجو أن قد غفر لي . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس  قال : 
أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين  ، فقال : « انثروه في مسجدي » . قال ، وكان أكثر ما أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج إلى الصلاة ، ولم يلتفت إليهم ، فلما قضى الصلاة فجاء فجلس إليه ، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه ، إذ جاءه  nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  فقال : يا رسول الله ! أعطني ، فاديت نفسي ، وفاديت عقيلا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خذ » ، فحثا في ثوبه ، ثم ذهب يقله ، فلم يستطع . فقال : مر بعضهم يرفعه إلي ، قال : لا ، قال : « فارفعه أنت علي » ، قال : لا ! فنثر منه ، ثم احتمله على كاهله ، ثم انطلق ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه ببصره حتى خفي عنه ، عجبا من حرصه . 
فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم . وفي رواية : وما بعث إلى أهله بدرهم . ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  تعليقا . 
وفي رواية : فجعل 
 nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  يقول وهو منطلق : أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا ، وما ندري ما يصنع في الأخرى ! 
ثم ذكر تعالى أصناف المؤمنين ، وقسمهم إلى مهاجرين وأنصار فقال :