صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[ 2 ] فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين .

فسيحوا في الأرض أربعة أشهر أي : فقولوا لهم : سيروا في الأرض بعد نبذنا العهد ، آمنين من القتل والقتال مدة أربعة أشهر ، وذلك من يوم النحر إلى عشر يخلون من ربيع الآخر .

والمقصود تأمينهم من القتل ، وتفكرهم واحتياطيهم ، ليعلموا أنهم ليس لهم بعدها إلا السيف ، وليعلموا قوة المسلمين إذ لم يخشوا استعدادهم لهم .

وهذه الأربعة الأشهر كانت عهدا لمن له عهد دون الأربعة الأشهر ، فأتمت له .

فأما من كان له عهد موقت ، فأجله إلى مدته ، مهما كانت ، لقوله تعالى : فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم كما يأتي .

روي هذا عن غير واحد ، واختاره ابن جرير . وقال مجاهد : هذا تأجيل للمشركين مطلقا ، فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفع إليها ، ومن كانت أكثر حط إليها ، [ ص: 3067 ] ومن كان عهده بغير أجل حد بها ، ثم هو بعد ذلك حرب لله ولرسوله ، يقتل حيث أدرك ويؤسر ، إلا أن يتوب ويؤمن .

أقول : ولا يرد عليه إطلاق قوله تعالى : إلى مدتهم لأن له أن يجيب بأن الإضافة للعهد ، أي : المدة المعهودة وهي الأربعة الأشهر . والله أعلم .

واعلموا أنكم غير معجزي الله يعني أن هذا الإمهال ليس لعجز عنكم ولكن لحكمة ولطف بكم ، أي : فلا تفوتونه وإن أمهلكم وأن الله مخزي الكافرين أي : مذلهم بالقتل في الدنيا ، والعذاب في الآخرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية