صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[6 ] إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون

لما بين تعالى نعوت المؤمنين قبل ، شرح أحوال مقابليهم وهم الكفرة المردة بأنهم : تناهوا في الغواية والضلال إلى حيث لا يجديهم الإنذار والتذكير ، كما قال تعالى : إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب وكقوله سبحانه في المعاندين الكتابيين : ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك الآية .

و "سواء" اسم بمعنى : الاستواء ، وصف به ، كما يوصف بالمصادر ، مبالغة ؛ ومنه [ ص: 40 ] قوله تعالى : تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم بمعنى : مستوية .

و(الإنذار): الإعلام مع تخويف ، والمراد هنا : التخويف من عذابه تعالى ، وانتقامه ، والاقتصار عليه لما أنهم ليسوا أهلا للبشارة ، ولأن الإنذار أوقع في القلوب ؛ ومن لم يتأثر به فلأن لا يرفع للبشارة رأسا - أولى .

وقوله "لا يؤمنون" جملة مستقلة ، مؤكدة لما قبلها ، مبينة لما فيه من إجمال ما فيه الاستواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية