صفحة جزء
ثم بين تعالى طائفة من الآيات بقوله:

القول في تأويل قوله تعالى:

[ 4 ] وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون

وفي الأرض قطع متجاورات أي: بقاع متقاربات مختلفة الطبائع. فمن طيبة إلى سبخة، ومن صلبة إلى رخوة، مما يدل على قادر مدبر مريد حكيم في صنعه: وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان جمع صنو، وهي نخلة أصلها واحد وفروعها شتى، وفي (القاموس) النخلتان، فما زاد في الأصل الواحد، كل واحدة منهما صنو، ويضم. أو عام في جميع الشجر، وإفراد الزرع لأنه مصدر في الأصل يشمل القليل والكثير يسقى قرئ بالتحتية والفوقية بماء واحد أي: بماء المطر أو بماء النهر ونفضل بعضها على بعض في الأكل فتتفاضل قدرا وشكلا ورائحة وطعما. والأكل، قرئ بضم الهمزة والكاف وتسكينها وهو ما يؤكل، وهو هنا الثمر والحب. والمجرور إما ظرف لـ (نفضل) أو حال من بعضها، أي: نفضل بعضها مأكولا. أو: وفيه الأكل إن في ذلك أي: الذي فصل لآيات على وحدانيته تعالى وباهر قدرته لقوم يعقلون فإن من عقل ما تقدم جزم بأن من قدر على إبداعها وخلقها مختلفة الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك البقاع المتباينة المتجاورة، وجعلها حدائق ذات بهجة; قادر على إعادة ما أبداه، بل هو أهون في القياس.

التالي السابق


الخدمات العلمية