صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[52-55] وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون .

وله ما في السماوات والأرض معطوف على قوله : إنما هو إله واحد أو على الخبر ، أو مستأنف وله الدين واصبا أي : العبادة لازمة له وحده . ولزومها له ينافي خوف الغير ؛ إذ يقتضي تخصيصه تعالى بالرهبة والخشية ، وهذا كقوله : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون

أفغير الله تتقون أي : وهو مالك النفع والضر . 50 وما بكم من نعمة فمن الله أي فمن فضله وإحسانه : ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون أي : لا تتضرعون إلا إليه ؛ لعلمكم أنه لا يقدر على كشفه إلا هو سبحانه . والجؤار : رفع الصوت . يقال : جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع ، وأصله صياح الوحش .

ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون أي : بنسبة النعمة إلى غيره ورؤيتها منه . وكذا بنسبة الضر إلى الغير ، وإحالة الذنب في ذلك عليه ، [ ص: 3818 ] والاستعانة في رفعه به . وذلك هو كفران النعمة ، والغفلة عن المنعم المشار إليهما بقوله :

ليكفروا بما آتيناهم أي : من نعمة الكشف عنهم . واللام للعاقبة والصيرورة : فتمتعوا فسوف تعلمون أي : وبال ذلك الكفر . وفيه إشعار بشدة الوعيد ، وأنه إنما يعلم بالمشاهدة ، ولا يمكن وصفه ، فلذا أبهم .

وللقاشاني وجه آخر ، قال : أو فسوف تعلمون ، بظهور التوحيد ، أن لا تأثير لغير الله في شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية