صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[65-66] والله أنـزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين .

والله أنـزل من السماء أي : المزن : ماء فأحيا به الأرض بعد موتها أي : [ ص: 3824 ] بالنبات والزرع ، بعد جدبها ويبسها : إن في ذلك لآية لقوم يسمعون أي : هذا التذكير ، ويعقلون وجه دلالته .

وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث وهو ما في الكرش من الثفل : ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين أي : سهل المرور في حلقهم .

بين تعالى آيته في الأنعام بما ذكر ؛ ليستدل به على وحدانيته وانفراده بالألوهية ، وليستدل به أيضا على الحشر . فإن العشب الذي يأكله الحيوان إنما يتولد من الماء والتراب . فقلب الطين نباتا وعشبا ، ثم تبديله دما في جوف الحيوان ، ثم تحويله إلى لبن ؛ أعظم عبرة على قدرته تعالى على قلب هذه الأجسام الميتة من صفة إلى صفة . وإنما ذكر الضمير في بطونه هنا ، وأنثه في سورة المؤمنين ؛ لكون الأنعام اسم جمع ، فيذكر ويفرد ضميره ، باعتبار لفظه . ويؤنث ويجمع باعتبار معناه .

وقوله :

التالي السابق


الخدمات العلمية