صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[94] ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم .

ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم تصريح بالنهي عنه ، بعد أن نهى عنه ضمنا ، لأخذه فيما تقدم قيدا للمنهي عنه ، تأكيدا عليهم ومبالغة في قبح المنهي : فتزل قدم بعد ثبوتها أي : فتزل أقدامكم عن محجة الحق ، بعد رسوخها فيه : وتذوقوا السوء أي : ما يسوءكم في الدنيا : بما صددتم أي : بصدودكم عن الوفاء ، أو بصدكم غيركم : عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم أي : في الآخرة .

لطيفة :

تنكير (قدم) للإيذان بأن زلل قدم واحدة عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة ؟ وأشار في (" البحر ") إلى نكتة أخرى : قال : الجمع تارة يلحظ فيه المجموع من حيث هو مجموع فيؤتى بما هو له مجموعا . وتارة يلاحظ فيه كل فرد فرد فيفرد ماله كقوله : وأعتدت [ ص: 3855 ] لهن متكأ أي : لكل واحدة منهن متكئا . ولما كان المعنى : لا يفعل هذا كل واحد منكم ؛ أفرد : { قدم } مراعاة لهذا المعنى . ثم قال : وتذوقوا مراعاة للفظ الجمع .

قال الشهاب : هذا توجيه للإفراد من جهة العربية ، فلا ينافي النكتة الأولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية