صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[ 8 ] إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون .

إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان أي: اللحى; أي: واصلة إليها وملزوزة إليها: فهم مقمحون أي: ناصبو رؤوسهم، غاضو أبصارهم. يقال: أقمح الرجل، رفع رأسه وغض بصره. وأقمح الغل الأسير، إذا ترك رأسه مرفوعا لضيقه، فهو مقمح، وذلك إذا لم يتركه عمود الغل الذي ينخس ذقنه، أن يطأطئ رأسه. قال ابن الأثير : هي في قوله تعالى: [ ص: 4993 ] فهي إلى الأذقان كناية عن الأيدي لا عن الأعناق; لأن الغل يجعل اليد تلي الذقن والعنق، وهو مقارب للذقن. وقال الأزهري : أراد عز وجل أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم، رفعت الأغلال أذقانهم ورؤوسهم صعدا، كالإبل الرافعة رؤوسها، وهذا معنى قول ابن كثير : اكتفى بذكر الغل في العنق، عن ذكر اليدين، وإن كانتا مرادتين، لما دل السياق عليه; فإن الغل إنما يعرف فيما جمع اليدين مع العنق.

التالي السابق


الخدمات العلمية