صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[ 74 - 75] وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين .

وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده أي: بإيصالنا إلى ما وعدنا، وأنبأنا عنه على ألسنة رسله: وأورثنا الأرض أي: أرض الآخرة. شبه نيلهم بأعمالهم لها، بإرثهم من آبائهم; فكأن الأعمال آباؤهم، كما قيل:


وأبي الإسلام لا أب لي سواه



وكما يقال: (الصدق يورث النجاة) نتبوأ من الجنة حيث نشاء أي: يتبوأ كل من جنته الواسعة، أي مكان أراده: فنعم أجر العاملين أي: الذين عملوا بما علموا: وترى الملائكة حافين من حول العرش أي: الملائكة السماوية حافين في جنة الفردوس حول عرش الرحمن ، محدقين به. وتقدم في تفسير آية: ثم استوى على العرش في الأعراف، كلام في حملة العرش، فتذكره.

يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم أي: بين الخلائق: بالحق أي: بالعدل: وقيل الحمد لله رب العالمين أي: على ما قضى بينهم بالحق، وأنزل كلا منزلته التي هي حقه. والقائل: إما الحق جل جلاله، أو الملائكة الحافون، أو المؤمنون ممن قضي بينهم، أو الكل، فله الحمد عز وجل.

عن قتادة قال: افتتح الله أول الخلق ب: { الحمد لله } فقال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور وختم بالحمد فقال: وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية