صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[49] ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم

ومن الليل فسبحه أي: اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة بالليل، كما قال تعالى: ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

[ ص: 5552 ] وقد روي في أذكار الليل من التسابيح ما هو معروف في كتب الحديث. وقد جمعت ذلك معرى عن أسانيدها في كتابي (الأوراد المأثورة).

وإدبار النجوم أي: وسبحه وقت إدبارها، وذلك بميلها إلى الغروب عن الأفق، بانتشار ضوء الصبح، وقد عنى ذلك إما فريضة الفجر أو نافلته، أو ما يشملها. قال قتادة: كنا نحدث أنهما الركعتان عند طلوع الفجر. وقد ثبت في (الصحيحين) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: « لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل، أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر » . وفي لفظ مسلم: « ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها » .

قال الزمخشري : وقرئ: وأدبار بالفتح، بمعنى في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت.

تنبيه:

قال في (الإكليل) عن الكرماني: إن بعض الفقهاء استدل به على أن الإسفار بصلاة الصبح أفضل لأن النجوم لا إدبار لها، وإنما ذلك بالاستتار عن العيون. انتهى.

وهو استدلال متين.

التالي السابق


الخدمات العلمية