صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[51 - 52] وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين

وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم قال الزمخشري : يعني أنهم [ ص: 5909 ] من شدة تحديقهم، ونظرهم إليك شزرا، بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك، أو يهلكونك، من قولهم: نظر إلي نظرا يكاد يصرعني، ويكاد يأكلني، أي: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل، لفعله. قال:


يتقارضون إذا التقوا في موطن نظرا يزل مواطئ الأقدام



وأنشد ابن عباس -وقد مر بأقوام حددوا النظر إليه-:


نظروا إلي بأعين محمرة     نظر التيوس إلى شفار الجازر



وبين تعالى أن هذا النظر كان يشتد منهم في حال قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن، وهو قوله: لما سمعوا الذكر أي: القرآن، معاداة لحكمته. ويقولون إنه لمجنون أي: من الهذيان الذي يهذي به في جنونه، لعدم تمالك أنفسهم من الحسد منه، والتنفير عنه.

وما هو إلا ذكر للعالمين أي: عظة وحكمة وتذكير وتنبيه لهم، على ما في عقولهم وفطرهم من التوحيد. فكيف يجنن من جاء بمثله؟ وبالله التوفيق.

التالي السابق


الخدمات العلمية