صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[ 12 - 16 ] وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنـزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا

وبنينا فوقكم سبعا شدادا قال الرازي: أي: سبع سماوات شدادا جمع (شديدة)، يعني محكمة قوية الخلق لا يؤثر فيها مرور الزمان، لا فطور فيها ولا فروج.

وقال الإمام: السبع الشداد: الطرائق السبع، وهي ما فيه الكواكب السبعة السيارة المشهورة; وخصها بالذكر لظهورها ومعرفة العامة لها.

وجعلنا سراجا وهاجا أي: متلألئا وقادا، يعني الشمس.

وأنـزلنا من المعصرات أي: السحائب إذا أعصرت، أي: شارفت أن تعصرها الرياح.

ماء ثجاجا أي: منصبا متتابعا.

لنخرج به حبا ونباتا قال ابن جرير : الحب كل ما تضمنه كمام الزرع التي تحصد. والنبات: الكلأ الذي يرعى من الحشيش والزروع.

وقال الزمخشري : يريد ما يتقوت من نحو الحنطة والشعير، وما يعلف من التبن والحشيش. كما قال: كلوا وارعوا أنعامكم

وجنات ألفافا أي: حدائق ملتفة الشجر، مجتمعة الأغصان.

قال الرازي: قدم الحب لأنه الأصل في الغذاء، وثنى بالنبات لاحتياج الحيوانات إليه; [ ص: 6035 ] وأخر الجنات لأن الحاجة إلى الفواكه ليست بضرورية، ثم قال: وكان الكعبي من القائلين بالطبائع. فاحتج بقوله تعالى: لنخرج به حبا إلخ، على بطلان قول من قال: إنه تعالى لا يفعل شيئا بواسطة شيء آخر، أي: ارتباط المسببات بالأسباب مما بنى عليه -سبحانه- بحكمته الباهرة نظام العمران.

التالي السابق


الخدمات العلمية