صفحة جزء
[ ص: 6083 ] بسم الله الرحمن الرحيم

82- سورة الانفطار

وهي مكية. وآيها تسعة عشر.

[ ص: 6084 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى:

[ 1 - 5 ] إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت

إذا السماء انفطرت أي: انشقت كما في آية ويوم تشقق السماء بالغمام وإذا الكواكب انتثرت أي: تساقطت. والانتثار استعارة لإزالة الكواكب; حيث شبهت بجواهر قطع سلكها. وهي مصرحة أو مكنية.

وإذا البحار فجرت أي: فتح بعضها إلى بعض، لزوال الحاجز بزلزلة الأرض وارتجافها.

وإذا القبور بعثرت أي: بحثت وأخرج موتاها.

قال الشهاب: يعني أزيل التراب التي ملئت به وكان حتى على موتاها، فانفتحت وخرج من دفن فيها. وهذا معنى البعثرة، وحقيقتها تبديد التراب أو نحوه، وهو إنما يكون لإخراج شيء تحته، فقد يذكر ويراد معناه ولازمه معا، كما هنا. وقد يتجوز به عن البعث والإخراج كما في سورة العاديات. والفارق بينهما أنه أسند هنا للقبور فكان على حقيقته. وثم لما فيها، فكانت مجازا عما ذكر. ثم قال: وذهب بعض الأئمة كالزمخشري والسهيلي إلى أنه مركب من كلمتين اختصارا، ومثله كثير في لغة العرب ويسمى نحتا. وأصله: (بعث)، و (أثير) أي: حرك وأخرج، وله نظائر كبسمل وحوقل ودمعز، أي: قال: بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، [ ص: 6085 ] وأدام الله عزه. فعلى هذا يكون معناه النبش والإخراج معا. ولا يرد عليه أن الراء ليست من أحرف الزيادة، كما توهمه أبو حيان ، فإنه فرق بين التركيب والنحت من كلمتين، والزيادة على بعض الحروف الأصول من كلمة واحدة، كما فصله في (المزهر) نقلا عن أئمة اللغة.

علمت نفس ما قدمت أي: لذلك اليوم من عمل صالح أو سيئ وأخرت أي: تركت من خير أو شر، أو المعنى: ما قدمت من عمل طيب لم تقصر فيه، "وما أخرت": أي: قصرت فيه. والمراد بالعلم بالتقديم والتأخير، وجدان الجزاء عليهما، وتحقق مصداق الوعد عليهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية