صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى :

[ 122 ] إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون

إذ همت طائفتان منكم أي : بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس : أن تفشلا أي : تكسلا وتجبنا وتضعفا لرجوع المنافقين عن نصرهم وولايتهم ، فعصمهما الله ، فمضيا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله وليهما ناصرهما ، ومتولي أمرهما ، فأمدهما بالتوفيق والعصمة وعلى الله وحده دون ما عداه استقلالا أو اشتراكا : فليتوكل المؤمنون في جميع أمورهم ، فإنه حسـبهم ، والتوكل : تفعل من وكل أمره إلى فلان إذا اعتمد في كفايته عليه ، ولم يتوله بنفسه . وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي أن يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله ، وأن يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل . روى الشيخان عن جابر - رضي الله عنه - قال : فينا نزلت : ( إذ همت [ ص: 960 ] طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما ) - قال : نحن الطائفتان : بنو حارثة وبنو سلمة ، وما نحب أنها لم تنزل لقوله تعالى : والله وليهما

أي لفرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله تعالى ، وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية . وإن تلك الهمة ما أخرجتهم عن ولاية الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية