القول في تأويل قوله تعالى : 
[ 168 ] 
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين الذين قالوا لإخوانهم أي : من أجل أقاربهم من قتلى أحد : 
وقعدوا أي : والحال قد قعدوا عنهم خذلانا لهم : 
لو أطاعونا أي : في الرجوع : 
ما قتلوا كما لم نقتل : 
قل كأنكم تزعمون ادعاء القدرة على دفع الموت : 
فادرءوا أي : ادفعوا : 
عن أنفسكم الموت أي : فإنها أقرب إليكم من أنفسهم : 
إن كنتم صادقين في أن الموت يغني منه حذر ، والمعنى : أن عدم قتلكم كان بسبب أنه لم يكن مكتوبا عليكم ، لا بسبب أنكم دفعتموه بالقعود ، مع كتابته عليكم ، فإن ذلك مما لا سبيل إليه . 
قال 
ابن القيم :  وكان من الحكمة تقديره تعالى في هذه الواقعة تكلم المنافقين بما في نفوسهم ، فسمعه المؤمنون ، وسمعوا رد الله عليهم ، وجوابه لهم ، وعرفوا مواد النفاق ، وما يؤول إليه ، وكيف يحرم صاحبه سعادة الدنيا والآخرة . فيعود عليه بفساد الدنيا والآخرة . فلله كم من حكمة في ضمن هذه القصة بالغة ، ونعمة على المؤمنين سابغة ، وكم فيها من تحذير وتخويف ، وإرشاد وتنبيه ، وتعريف بأسباب الخير والشر ومآلهما وعاقبتهما .