صفحة جزء
تنبيه:

لا خفاء في أن هذه الآية الكريمة لتكذيب اليهود في دعوى الصلب التي تابعهم عليها أكثر النصارى، ولتبرئة ساحة مقام عيسى - عليه السلام - مما توهموه في ذلك، ولما كانت هذه الآية من مباحث الأمتين، ومعارك الفرقتين - أردت بسط الكلام في هذا المقام؛ انتهاجا للحق، وأخذا بناصر الصدق، ورد أباطيل المكذبين، وتزييف أقوال الملحدين.

نورد أولا ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم، ثم بطلان المروي عندهم وتهافته بالحجج الدامغة، [ ص: 1639 ] ثم ما رواه أئمة سلفنا - رضي الله عنهم - في هذه القصة، ثم رد زعمهم أن إلقاء الشبه سفسطة، ثم سقوط دعواهم التواتر في الصلب، ثم تزييف تفسير بعض النصارى لهذه الآية، وأنها مطابقة لمعتقدهم على زعمه، مع ذكر من رفض عقيدة الصلب من فرق النصارى، وذكر ما روي في إنجيل خامس يوافق عقيدة المسلمين، ويطابق هذه الآية، ونختم هذه المباحث بما قاله شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رضي الله عنه - في هذه الآية، وأبدع - على عادته قدس سره - فهذه المطالب ينبغي معرفتها لكل طالب؛ إذ تفرعت إلى مباحث فائقة، وفوائد شائقة، فنقول وبالله التوفيق:

ذكر ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم:

جاء في الفصل الثاني والعشرين من إنجيل لوقا ما نصه:

2 - كان رؤساء الكهنة والكتبة يلتمسون كيف يقتلون يسوع لكنهم كانوا يخافون من الشعب.

38 - أي: لأن الشعب كلهم كانوا يبكرون إليه في الهيكل (وهو الكنيسة) ليستمعوه.

[ ص: 1640 ] 37 - وكان في النهار يعلم في الهيكل وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل الذي يدعى جبل الزيتون.

كما ذكر لوقا قبل الفصل.

3 - فدخل الشيطان في يهوذا الملقب بالأسخريوطي وهو أحد الاثني عشر.

4 - فمضى وفاوض رؤساء الكهنة والولاة كيف يسلمه إليهم.

5 - ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة.

6 - فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم بمعزل عن الجميع.

7 - وبلغ يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح.

8 - فأرسل بطرس ويوحنا قائلا: امضيا فأعدا لنا الفصح لنأكل.

9 - فقالا له: أين تريد أن نعد.

10 - فقال لهما: إذا دخلتما المدينة يلقاكما رجل حامل جرة ماء، فاتبعاه إلى البيت الذي يدخله.

[ ص: 1641 ] 11 - وقولا لرب البيت: المعلم يقول لك: أين المنزل الذي آكل فيه الفصح مع تلاميذي؟

12 - فهو يريكما غرفة كبيرة مفروشة، فأعدا هناك.

13 - فانطلقا فوجدا كما قال لهما وأعدا الفصح.

14 - ولما كانت الساعة اتكأ هو والرسل الاثنا عشر معه.

15 - فقال لهم: لقد اشتهيت شهوة أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم.

16 - فإني أقول لكم: إني لا آكله بعد حتى يتم في ملكوت الله.

17 - ثم تناول كأسا وشكر وقال: خذوا فاقتسموا بينكم.

18 - فإني أقول لكم: إني لا أشرب من عصير الكرمة حتى يأتي ملكوت الله.

19 - وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا: هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم، اصنعوا هذا لذكري.

[ ص: 1642 ] 20 - وكذلك الكاس من بعد العشاء قائلا: هذه هي الكأس، العهد الجديد بدمي الذي يسفك من أجلكم.

21 - ومع ذلك فها! إن يد الذي يسلمني معي على المائدة.

22 - وابن البشر ماض كما هو محدود، ولكن الويل لذلك الرجل الذي يسلمه.

23 - فطفقوا يسألون بعضهم بعضا: من كان منهم مزمعا أن يفعل ذلك.

24 - ووقعت بينهم مجادلة في أيهم يحسب الأكبر.

25 - فقال لهم: إن ملوك الأمم يسودونهم والمسلطين عليهم يدعون محسنين.

26 - وأما أنتم فلستم كذلك، ولكن ليكن الأكبر فيكم كالأصغر، والذي يتقدم كالذي يخدم.

28 - وأنتم الذين ثبتم معي في تجاربي.

[ ص: 1643 ] 29 - فأنا أعد لكم الملكوت كما أعده لي أبي.

30 - لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.

31 - وقال يسوع: سمعان سمعان هو ذا الشيطان سأل أن يغربلكم مثل الحنطة.

32 - لكني صليت من أجلك لئلا ينقص إيمانك وأنت متى رجعت فثبت إخوتك.

33 - فقال له: أنا مستعد أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت.

34 - قال: إني أقول لك يا بطرس إنه لا يصيح الديك اليوم حتى تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني.

39 - ثم خرج ومضى على عادته إلى جبل الزيتون وتبعه التلاميذ.

40 - فلما انتهى إلى المكان قال لهم: صلوا لئلا تدخلوا في تجربة.

41 - ثم فصل عنهم نحو رمية حجر وخر على ركبتيه وصلى.

[ ص: 1644 ] 42 - قائلا: يا رب إن شئت فأجز عني هذه الكأس لكي لا تكن مشيئتي بل مشيئتك.

43 - وتراءى له ملاك من السماء يشدده.

44 - ولما أخذ في النزاع أطال في الصلاة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض.

45 - ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياما من الحزن.

46 - فقال لهم: ما بالكم نائمين، قوموا فصلوا؛ لئلا تدخلوا في تجربة.

47 - وفيما هو يتكلم وإذا بجمع يتقدمهم المسمى يهوذا أحد الاثني عشر فدنا من يسوع ليقبله.

48 - فقال له يسوع: يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن البشر.

49 - فلما رأى الذين حوله ما سيحدث قالوا له: أنضرب بالسيف.

50 - وضرب أحدهم عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى.

[ ص: 1645 ] 51 - فأجاب يسوع وقال: قفوا لا تزيدوا، ثم لمس أذنه فأبرأه.

52 - ثم قال يسوع للذين جاؤوا إليه من رؤساء الكهنة وولاة الهيكل والشيوخ: كأنما خرجتم إلى لص بسيوف وعصي.

53 - إني كل يوم كنت معكم في الهيكل ولم تمدوا علي أيديكم، ولكن هذه ساعتكم وهذا سلطان الظلمة.

حينئذ تركه تلاميذه وهربوا.

54 - فارتموا على يسوع فقبضوا عليه وقادوه إلى بيت رئيس الكهنة.

وكان الكتبة والرؤساء مجتمعين، وهناك أعطى يهوذا الحواري الثلاثين درهما التي أخذها رشوة على تسليمالمسيح .

وكان بطرس يتبعه من بعيد...

54 – فجلس داخلا مع الخدام لينظر الغاية. 55 - وأضرموا نارا في وسط الدار وجلسوا حولها فجلس بطرس بينهم.

56 - فرأته جارية جالسا عند الضوء فتفرست فيه ثم قالت: إن هذا أيضا كان معه.

[ ص: 1646 ] 57 - فكفر أمام الجميع وأنكره قائلا: إني لست أعرفه.

58 - وبعد قليل رآه آخر فقال: أنت أيضا منهم، فأخذ بطرس يحلف: لا أعرف هذا الرجل ولست منهم.

59 - وبعد نحو ساعة أكد عليه آخر قائلا: في الحقيقة هذا أيضا كان معه فإنه جليلي.

60 - فقال بطرس: يا رجل لا أدري ما تقول.

قال مفسروهم: إن خطأ بطرس هذا كان ثقيلا: لأن المسيح قال: من ينكرني أمام الناس أنكره أمام أبي الذي في السماوات.

60 - وفي الحال بينما هو يتكلم صاح الديك.

61 - فالتفت يسوع ونظر إلى بطرس فتذكر كلامه إذ قال: إنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات.

62 - فخرج بطرس وبكى بكاء مرا.

63 - وكان الرجال الذين قبضوا عليه يهزءون به ويضربونه.

[ ص: 1647 ] 64 - وغطوه وطفقوا يلطمونه ويسألونه قائلين: تنبأ من الذي ضربك.

65 - وأشياء أخر كانوا يقولونها عليه مجدفين.

66 - ولما كان النهار اجتمع شيوخ الشعب ورؤساء الكهنة عليه ليميتوه، وأحضروه إلى محفلهم.

67 - وقالوا: إن كنت أنت المسيح فقل لنا، فقال لهم: إن قلت لكم لا تؤمنون.

68 - وإن سألتكم لا تجيبوني ولا تطلقوني.

69 - ولكن - من الآن - يكون ابن البشر جالسا عن يمين قدرة الله.

70 - فقال الجميع: أفأنت ابن الله، فقال لهم: أنتم تقولون إني أنا هو.

71 – فقالوا: ما حاجتنا إلى شهادة إنا قد سمعنا من فمه.

فأوثقوه، وأما يهوذا الأسخريوطي الدافع لما رأى يسوع قد دين ندم ومضى، فأعاد الثلاثين الفضة إلى رؤساء الكهنة قائلا: لقد أخطأت بتسليمي دما زكيا، فقالوا له: ما علينا أنت أخبره، فطرح الفضة في الهيكل وذهب فخنق نفسه، وأما رؤساء الكهنة فأخذوا الفضة وقالوا: لا يحل لنا أن نضعها في بيت التقدمة؛ لأنها ثمن دم.

[ ص: 1648 ] 1 - ثم ذهب جميع جمهورهم ومضوا بيسوع إلى بيلاطس.

2 - وطفقوا يشكونه قائلين: إنا وجدنا هذا يفسد أمتنا ويمنع من أداء الجزية لقيصر، ويدعي أنه هو المسيح الملك.

3 - فسأله بيلاطس قائلا: هل أنت ملك اليهود؟ فأجابه قائلا: أنت قلت.

4 - فقال بيلاطس لرؤساء الكهنة وللجموع: إني لم أجد على هذا الرجل علة.

5 - فلجوا وقالوا: إنه يهيج الشعب؛ إذ يعلم في اليهودية كلها مبتدئا من الجليل إلى ههنا.

6 - فلما سمع بيلاطس ذكر الجليل سأل: هل الرجل جليلي.

7 - ولما علم أنه من إيالة هيرودس أرسله إلى هيرودس وكان في تلك الأيام في أورشليم.

8 - فلما رأى هيرؤدس يسوع فرح جدا؛ لأنه من زمان طويل كان يشتهي أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة، ويرجو أن يعاين آية يصنعها.

[ ص: 1649 ] 9 - فسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء.

10 - وكان رؤساء الكهنة والكتبة واقفين يشكونه بلجاجة.

11 - فازدراه هيرودس مع جنوده وهزأ به وألبسه ثوبا لامعا ورده إلى بيلاطس.

12 - وتصادق هيرودس وبيلاطس في ذلك اليوم، وقد كانا من قبل متعاديين.

13 - فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب.

14 - وقال لهم: قد قدمتم إلي هذا الرجل كأنه يفتن الشعب، وها أنا قد فحصته أمامكم فلم أجد على هذا الرجل علة مما تشكونه به.

15 - ولا هيرودس أيضا؛ لأني أرسلتكم إليه وهو ذا لم يصنع به شيء من حكم الموت.

16 - فأنا أؤدبه وأطلقه.

17 - وكان لا بد له أن يطلق لهم في كل عيد رجلا.

[ ص: 1650 ] 18 - فصاحوا كلهم جملة قائلين: ارفع هذا وأطلق لنا برأبا.

19 - كان ذاك قد ألقي في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل.

20 - فناداهم بيلاطس مرة أخرى وهو يريد أن يطلق يسوع.

21 - فصرخوا قائلين: اصلبه، اصلبه.

22 - فقال لهم مرة ثالثة: وأي شر صنع هذا؟ إني لم أجد عليه علة للموت فأنا أؤدبه وأطلقه.

23 - فألحوا عليه بأصوات عالية طالبين أن يصلب واشتدت أصواتهم.

24 - فحكم بيلاطس أن يجرى مطلبهم.

25 - فأطلق لهم الذي طلبوه ذاك الذي ألقي في السجن لأجل فتنة، وجلد يسوع بالسياط وأسلمه ليصلب.

قال مفسروهم: ولذا يظهر أن اللصين اللذين صلبا معه جلدا أيضا، والجلادون كانوا ستين نفرا، وأرشاهم اليهود ليميتوه بالجلد؛ خشية أن يطلقه بيلاطس، ونزعوا ثيابه وألبسوه لباسا [ ص: 1651 ] قرمزيا وضفروا إكليلا من شوك العوسج ووضعوه على رأسه، وأنشبوا في رأسه عنفا أشواكه الحادة، ومن هنا أخذت الكنيسة العادة على إبقاء إكليلا من شعر في رأس الكهنة؛ تذكارا لإكليل المسيح الشوكي، ثم جثوا على ركبهم مستهزئين به وقائلين: السلام يا ملك اليهود، وتناولوا قصبة يضربون بها رأسه، ولما هزءوا به نزعوا ذلك اللباس وألبسوه ثيابه واستاقوه ليصلب، وكان يتقدمه مبوق يدعو الشعب إلى هذا المنظر بحسب عادة اليهود، وخشبة الصلب على منكبيه.

32 - وانطلق معه بآخرين مجرمين ليقتلا.

ولما بلغوا إلى المكان المسمى الجمجمة صلبوه هناك هو والمجرمين، أحدهما عن اليمين والآخر عن اليسار.....

وناولوه خلا مخلوطا بمرارة أو خمرا ممزوجا بعلقم بعد أن طلب الماء، فذاقه ولم يشرب.

ولما صلبوه بالمسامير وبالحبال معها، وكانت المسامير في راحة اليدين والرجلين - ضربوا جنبه بالحربة فنفذت من صدره، وفي الصليب محل يسند إليه رجليه، واقتسموا ثيابه بالقرعة وهي ثلاثة: القميص والرداء والجبة، ولم يكن يلبس السروال كعادة تلك البلاد، وجلسوا هناك يحرسونه؛ لئلا يسرقه أحد.

وكان الشعب واقفين ينظرون، والرؤساء يسخرون منه معهم قائلين: قد خلص آخرين فليخلص نفسه إن كان هو مسيح الله المختار.

[ ص: 1652 ] 36 - وكان الجند أيضا يهزءون به.

37 - وقائلين: إن كنت أنت ملك اليهود فخلص نفسك.

38 - وكان عنوان فوقه مكتوبا بالحروف اليونانية واللاتينية والعبرانية: هذا هو ملك اليهود.

44 – ولما كان نحو الساعة السادسة حدثت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة.

45 - وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه.

46 - ونادى يسوع بصوت عظيم قائلا: إيل إيل لم شبقتني؟ أي: إلهي إلهي لماذا تركتني؟ فكان أناس من القائمين يقولون: دعوا ننظر هل يأتي إيليا فيخلصه، ثم صرخ أيضا بصوت عال وأسلم الروح.

47 - فلما رأى قائد المئة ما حدث مجد الله قائلا: في الحقيقة كان هذا الرجل صديقا.

48 - وكل الجموع الذين كانوا مجتمعين على هذا المنظر، لما عاينوا ما حدث - رجعوا وهم يقرعون صدورهم.

[ ص: 1653 ] 49 - وكان جميع معارفه والنساء اللواتي تبعنه من الجليل واقفين من بعيد ينظرون ذلك.

50 - وإذا برجل اسمه يوسف وهو صالح صديق.

51 - ولم يكن موافقا لرأيهم وعملهم.

52 - فدنا إلى بيلاطس وسأله جسد يسوع فأعطاه إياه.

53 - فأنزله ولفه في كتان ووضعه في قبر منحوت لم يكن وضع فيه أحد.

54 - وكان يوم التهيئة أي: الجمعة، وقد أخذ السبت يلوح .....

وفي يوم السبت اجتمع عظماء الكهنة عند بيلاطس قائلين له: قد تذكرنا أن ذاك المضل كان يقول وهو حي: إني أقوم بعد ثلاثة أيام، فمر أن يحرسوا القبور حتى اليوم الثالث؛ لئلا يأتي تلاميذه فيسرقوه ليلا ويقولوا للشعب: إنه قام من بين الأموات، فتكون الضلالة الأخيرة شرا من الأولى، فأمر لهم بجنود يحرسون وحصنوا القبر وختموا الحجر مع الجنود.

وفي عشية السبت المسفر صباحه عن الأحد أتت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظر القبر.

قال مفسروهم: إن هذه الآية أتعبت العلماء في تفسيرها والتوفيق بين أجزائها وبين أقوال باقي الإنجيليين. انتهى.

[ ص: 1654 ] وإذا بزلزلة عظيمة قد صارت؛ لأن ملك الرب انحدر من السماء، وكان الملك جبريل ظهر بهيئة شاب وجاء فدحرج الحجر عن باب القبر وجلس فوقه، وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج، ومن الخوف منه اضطرب الحراس وصاروا كالأموات.

فقال للنسوة: لا تخفن، فقد عرفت أنكن تطلبن يسوع المصلوب، إنه ليس ههنا، فإنه قد قام.

وقال لوقا:

55 - كانت النساء اللواتي أتين معه من الجليل يتبعن، فأبصرن القبر وكيف وضع فيه جسده.

56 - ثم رجعن وأعددن حنوطا وأطيابا، وفي السبت قررن على حسب الوصية.

1 - وفي أول الأسبوع باكرا جدا أتين إلى القبر وهن يحملن الحنوط الذي أعددناه.

2 - فوجدن الحجر قد دحرج عن القبر.

3 - فدخلن فلم يجدن جسد يسوع.

4 - وبينما هن متحيرات في ذلك إذا برجلين قد وقفا عندهن بلباس براق.

[ ص: 1655 ] 5 - وإذ كن خائفات ونكسن وجوههن إلى الأرض قالا لهن: لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟!

6 - إنه ليس ههنا لكنه قام، اذكرن كيف كلمكن وهو في الجليل.

7 - إذ قال: إنه ينبغي لابن البشر أن يسلم إلى أيدي أناس خطأة ويصلب ويقوم في اليوم الثالث.

فذكرن كلامه.

ورجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله.

وقلن لهم: قد أخذوا يسوع من القبر ولا نعلم أين وضعوه.

10 - ومريم المجدلية وحنة ومريم أم يعقوب وأخر معهن هن اللواتي أخبرن الرسل بهذا.

فكان عندهم هذا الكلام كالهذيان ولم يصدقوهن.

[ ص: 1656 ] 12 - فقام بطرس وأسرع إلى القبر وتطلع فرأى الأكفان موضوعة على حدة فانصرف متعجبا في نفسه مما كان.

13 - وإن اثنين منهم كانا سائرين في ذلك اليوم إلى قرية اسمها عماوس بعيدة عن أورشليم ستين غلوة.

14 - وكانا يتحادثان عن تلك الحوادث كلها.

15 - وفيما هما يتحادثان ويتساءلان دنا منهما يسوع نفسه وكان يسير معهما.

16 - ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته.

17 - فقال لهما: ما هذا الكلام الذي تتحاوران فيه وأنتما سائران مكتئبين.

18 - فأجاب أحدهما: أفأنت غريب في أورشليم ولم تعلم ما حدث بها في هذه الأيام.

19 - فقال لهما: وما هو؟ قالا له: ما يخص يسوع الناصري الذي كان رجلا نبيا ذا قوة في العمل والقول أمام الله والشعب كله.

[ ص: 1657 ] 20 - وكيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه.

21 - واليوم هو اليوم الثالث لحدوث ذلك.

22 - إلا أن نساء منا أدهشننا؛ لأنهن بكرن إلى القبر.

23 - فلم يجدن جسده فأتين وقلن: إنهن رأين مظهر ملائكة قالوا: إنه حي.

24 - فمضى قوم من الذين معنا إلى القبر فوجدوا كما قالت النساء لكنهم لم يروه.

25 - فقال لهما: يا قليلي الفهم وبطيئي القلب في الإيمان بكل ما نطقت به الأنبياء.

26 - أما كان ينبغي للمسيح أن يتألم هذه الآلام ثم يدخل إلى مجده.

27 - ثم أخذ يفسر لهما من موسى ومن جميع الأنبياء ما يختص به في الأسفار كلها.

28 - فلما اقتربوا من القرية التي كانا يقصدانها تظاهر بأنه منطلق إلى مكان أبعد.

29 - فألزماه قائلين: امكث معنا؛ لأن المساء مقبل، وقد مال النهار، فدخل ليمكث معهما.

[ ص: 1658 ] 30 - ولما اتكأ معهما أخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما.

31 - فانفتحت أعينهما وعرفاه فغاب عنهما.

32 - فقال أحدهما للآخر: أما كانت قلوبنا مضطرمة فينا حين كان يخاطبنا في الطريق ويشرح لنا الكتب.

34 - وقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم فوجدا الأحد عشر والذين معهم مجتمعين.

وهم يقولون: لقد قام يسوع في الحقيقة وتراءى لسمعان.

35 - فأخذا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز.

36 - وبينما هم يتحدثون بهذه وقف يسوع في وسطهم وقال لهم: السلام لكم، أنا هو لا تخافوا.

37 - فاضطربوا وخافوا وظنوا أنهم يرون روحا.

[ ص: 1659 ] 38 - فقال لهم: ما بالكم مرتعدين ولماذا ثارت الأوهام في قلوبكم؟!

39 - انظروا يدي ورجلي إني أنا هو جسوني وانظروا فإن الروح لا لحم له ولا عظام كما ترون لي.

40 - ثم أراهم يديه ورجليه.

41 - وإذ كانوا غير مصدقين بعد من الفرح ومتعجبين قال: أعندكم ههنا طعام.

42 - فأعطوه قطعة من سمك مشوي وشهد عسل.

43 - فأخذ وأكل أمامهم.

ثم أخذ الباقي وأعطاهم.

وبعد مفاوضته معهم.

50 - خرج بهم إلى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم.

51 - وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وصعد إلى السماء.

[ ص: 1660 ] هذا ما جاء في إنجيل لوقا ممزوجا ببعض تفاسيرهم، وإنما آثرت النقل عنه لزعمهم أن كلامه أصح وأفصح، وأشد انسجاما من كلام باقي مؤلفي العهد الجديد، كما في "ذخيرة الألباب" من كتبهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية