صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى:

[115] وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم

وتمت كلمة ربك وقرئ: (كلمات ربك) أي: بلغت الغاية أخباره وأحكامه ومواعيده: صدقا في الأخبار والمواعيد: وعدلا في الأقضية والأحكام.

[ ص: 2476 ] وقال القاشاني: أي: تم قضاؤه تعالى في الأزل بما قضى وقدر من إسلام من أسلم، وكفر من كفر، ومحبة من أحب، وعداوة من عادى، قضاء مبرما، وحكما صادقا، مطابقا لما يقع، عادلا بمناسبة كل قول وكل كمال وحال، لاستعداد من يصدر عنه واقتضائه له. انتهى.

لا مبدل لكلماته أي: لا أحد يبدل شيئا منها بما هو أصدق وأعدل. أو لا أحد يقدر أن يحرفها شائعا ذائعا، كما فعل بالتوراة. على أن المراد بها القرآن فيكون ضمانا لها منه تعالى بالحفظ، كقوله: وإنا له لحافظون

وقال القاشاني: أي: لا مبدل لأحكامه الأزلية. انتهى.

قال السيوطي في "الإكليل": يستدل به من قال إن اليهود والنصارى لم يبدلوا لفظ التوراة والإنجيل، وإنما بدلوا المعنى؛ لأن كلمات الله لا تبدل. انتهى - وهو رواية عن ابن عباس - أخرجها البخاري في آخر صحيحه. وبسط المقام في ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري". وتقدم لنا في سورة البقرة شذرة من هذا البحث، فجدد به عهدا.

وهو السميع لما يظهرون من الأقوال: العليم أي: بما يخفون.

التالي السابق


الخدمات العلمية