صفحة جزء
ولما بين تعالى أنه فصل المحرمات، أتبعه بما يوجب تركها بالكلية، فقال سبحانه:

[ ص: 2481 ] القول في تأويل قوله تعالى:

[120] وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون

وذروا ظاهر الإثم أي: سيئات الأعمال والأقوال الظاهرة على الجوارح: وباطنه أي: ما يسر منه بالقلب كالعقائد الفاسدة، والعزائم الباطلة. أو ما يعلن من الذنوب وما يسر منها، ويستتر فيه.

قال السدي: ظاهره الزنا مع البغايا ذوات الرايات، وباطنه مع الخليلة والصدائق والأخدان. ولا يخفى أن اللفظ عام في كل محرم، ولذا قال قتادة: أي: سره وعلانيته، قليله وكثيره، وصغيره وكبيره. كقوله تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن

إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون أي: يكتسبون. قال الشهاب: الاقتراف في اللغة الاكتساب، وأكثر ما يقال في الشر والذنب. ولذا قيل: الاعتراف يزيل الاقتراف وقد يرد في الخير كقوله تعالى: ومن يقترف حسنة نـزد له فيها حسنا انتهى.

وقد روى مسلم وغيره عن نواس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 2482 ] «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس» .

قال الحاكم: في الآية دلالة على أن العبد يؤاخذ بأفعال القلب، كما يؤاخذ بأفعال الجوارح. أي: على التفسير الأول فيها.

التالي السابق


الخدمات العلمية