صفحة جزء
[ ص: 701 ] وسئل عن اليهودي أو النصراني إذا أسلم . هل يبقى عليه ذنب بعد الإسلام ؟


فأجاب : - إذا أسلم باطنا وظاهرا غفر له الكفر الذي تاب منه بالإسلام بلا نزاع وأما الذنوب التي لم يتب منها مثل : أن يكن مصرا على ذنب أو ظلم أو فاحشة ولم يتب منها بالإسلام .

فقد قال بعض الناس : إنه يغفر له بالإسلام .

والصحيح : أنه إنما يغفر له ما تاب منه .

كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل : { أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية ؟ فقال : من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية .

ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر
} و " حسن الإسلام " أن يلتزم فعل ما أمر الله به وترك ما نهي عنه .

وهذا معنى التوبة العامة فمن أسلم هذا الإسلام غفرت ذنوبه كلها .

وهكذا كان إسلام السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ; ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث [ ص: 702 ] الصحيح لعمرو بن العاص : { أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله } " فإن اللام لتعريف العهد والإسلام المعهود بينهم كان الإسلام الحسن .

وقوله : " { ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر } " أي : إذا أصر على ما كان يعمله من الذنوب فإنه يؤاخذ بالأول والآخر .

وهذا موجب النصوص والعدل فإن من تاب من ذنب غفر له ذلك الذنب ولم يجب أن يغفر له غيره .

والمسلم تائب من الكفر كما قال تعالى : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } وقوله : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } أي إذا انتهوا عما نهوا عنه غفر لهم ما قد سلف .

فالانتهاء عن الذنب هو التوبة منه .

من انتهى عن ذنب غفر له ما سلف منه .

وأما من لم ينته عن ذنب فلا يجب أن يغفر له ما سلف لانتهائه عن ذنب آخر .

والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية