صفحة جزء
[ ص: 378 ] وقال شيخ الإسلام : فصل كان المشركون يعبدون أنفسهم وأولادهم لغير الله ; فيسمون بعضهم عبد الكعبة كما كان اسم عبد الرحمن بن عوف وبعضهم عبد شمس كما كان اسم أبي هريرة واسم عبد شمس بن عبد مناف وبعضهم عبد اللات وبعضهم عبد العزى وبعضهم عبد مناة وغير ذلك مما يضيفون فيه التعبيد إلى غير الله من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك مما قد يشرك بالله . ونظير تسمية النصارى عبد المسيح . فغير النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وعبدهم لله وحده فسمى جماعات من أصحابه : عبد الله وعبد الرحمن كما سمى عبد الرحمن بن عوف ونحو هذا وكما سمى أبا معاوية وكان اسمه عبد العزى فسماه عبد الرحمن وكان اسم مولاه قيوم فسماه عبد القيوم . ونحو هذا من بعض الوجوه ما يقع في الغالية من الرافضة ومشابهيهم الغالين في المشايخ فيقال هذا غلام الشيخ يونس أو للشيخ يونس أو غلام ابن [ ص: 379 ] الرفاعي أو الحريري ونحو ذلك مما يقوم فيه للبشر نوع تأله كما قد يقوم في نفوس النصارى من المسيح وفي نفوس المشركين من آلهتهم رجاء وخشية وقد يتوبون لهم كما كان المشركون يتوبون لبعض الآلهة والنصارى للمسيح أو لبعض القديسين . وشريعة الإسلام الذي هو الدين الخالص لله وحده : تعبيد الخلق لربهم كما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغير الأسماء كعمر إلى الأسماء الإسلامية والأسماء الكفرية إلى الأسماء الإيمانية وعامة ما سمى به النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وعبد الرحمن . كما قال تعالى : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } فإن هذين الاسمين هما أصل بقية أسماء الله تعالى . وكان شيخ الإسلام الهروي قد سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى وكذلك أهل بيتنا : غلب على أسمائهم التعبيد لله كعبد الله ; وعبد الرحمن ; وعبد الغني ; والسلام ; والقاهر ; واللطيف ; والحكيم ; والعزيز ; والرحيم والمحسن ; والأحد ; والواحد ; والقادر ; والكريم ; والملك ; والحق . وقد ثبت في صحيح مسلم عن نافع عن عبد الله بن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة } وكان من شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في الحروب : يا بني عبد الرحمن يا بني عبد الله يا بني [ ص: 380 ] عبيد الله كما قالوا ذلك يوم بدر ; وحنين ; والفتح ; والطائف ; فكان شعار المهاجرين يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني عبيد الله

التالي السابق


الخدمات العلمية