صفحة جزء
[ ص: 16 ] قال شيخ الإسلام رحمه الله فصل قال الله تعالى : { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب } .

فأخبر سبحانه أنه يسلك الماء النازل من السماء ينابيع والينابيع جمع ينبوع وهو منبع الماء كالعين والبئر فدل القرآن على أن ماء السماء تنبع منه الأرض والاعتبار يدل على ذلك فإنه إذا كثر ماء السماء كثرت الينابيع وإذا قل قلت .

وماء السماء ينزل من السحاب والله ينشئه من الهواء الذي في الجو وما يتصاعد من الأبخرة .

وليس في القرآن أن جميع ما ينبع يكون من ماء السماء ولا هذا أيضا معلوما بالاعتبار فإن الماء قد ينبع من بطون الجبال [ ص: 17 ] ويكون فيها أبخرة يخلق منها الماء والأبخرة وغيرها من الأهوية قد تستحيل كما إذا أخذ إناء فوضع فيه ثلج فإنه يبقى ما أحاط به ماء وهو هواء استحال ماء وليس ذلك من ماء السماء فعلم أنه ممكن أن يكون في الأرض ماء ليس من السماء فلا يجزم بأن جميع المياه من ماء السماء وإن كان غالبها من ماء السماء . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية