صفحة جزء
[ ص: 328 ] وقال شيخ الإسلام فصل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين العفة والغنى في عدة أحاديث منها قوله في حديث أبي سعيد المخرج في الصحيحين : { من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله } ومنها قوله في حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم : { أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط ورجل غني عفيف متصدق } ومنها قوله في حديث الخيل الذي في الصحيح : { ورجل ارتبطها تغنيا وتعففا . ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له ستر } ومنها ما روي عنه : { من طلب المال استغناء عن الناس واستعفافا عن المسألة لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر } . ومنها قوله في حديث عمر وغيره : { ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه } فالسائل بلسانه وهو ضد المتعفف والمشرف بقلبه وهو ضد الغنى .

قال في حق الفقراء : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } أي [ ص: 329 ] عن السؤال للناس . وقال : { ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس } فغنى النفس الذي لا يستشرف إلى المخلوق فإن الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع . وقد قيل :

أطعت مطامعي فاستعبدتني

. فكره أن يتبع نفسه ما استشرفت له لئلا يبقى في القلب فقر وطمع إلى المخلوق ; فإنه خلاف التوكل المأمور به وخلاف غنى النفس .

التالي السابق


الخدمات العلمية