صفحة جزء
[ ص: 39 ] وسئل أيضا رضي الله عنه هل البخاري ; ومسلم ; وأبو داود ; والترمذي ; والنسائي ; وابن ماجه ; وأبو داود الطيالسي ; والدارمي ; والبزار ; والدارقطني ; والبيهقي ; وابن خزيمة ; وأبو يعلى الموصلي هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة ; أم كانوا مقلدين ؟

وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة ؟ وهل إذا وجد في موطأ مالك : عن يحيى بن سعيد ; عن إبراهيم بن محمد بن الحارث التيمي ; عن عائشة .

ووجد في البخاري : حدثني معاذ بن فضالة ; قال : حدثنا هشام عن يحيى هو ابن أبي كثير ; عن أبي سلمة ; عن أبي هريرة . فهل يقال أن هذا أصح من الذي في الموطأ ؟ وهل إذا كان الحديث في البخاري بسند وفي الموطأ بسند فهل يقال : إن الذي في البخاري أصح ؟

وإذا روينا عن رجال البخاري حديثا ولم يروه البخاري في صحيحه فهل يقال . هو مثل الذي في الصحيح ؟


[ ص: 40 ] فأجاب : الحمد لله رب العالمين . أما البخاري ; وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد .

وأما مسلم ; والترمذي ; والنسائي ; وابن ماجه ; وابن خزيمة ; وأبو يعلى ; والبزار ; ونحوهم ; فهم على مذهب أهل الحديث ليسوا مقلدين لواحد بعينه من العلماء ولا هم من الأئمة المجتهدين على الإطلاق بل هم يميلون إلى قول أئمة الحديث كالشافعي ; وأحمد ; وإسحاق وأبي عبيد ; وأمثالهم . ومنهم من له اختصاص ببعض الأئمة كاختصاص أبي داود ونحوه بأحمد بن حنبل وهم إلى مذاهب أهل الحجاز - كمالك وأمثاله - أميل منهم إلى مذاهب أهل العراق - كأبي حنيفة والثوري - .

وأما أبو داود الطيالسي فأقدم من هؤلاء كلهم من طبقة يحيى بن سعيد القطان ; ويزيد بن هارون الواسطي ; وعبد الله بن داود . ووكيع بن الجراح ; وعبد الله بن إدريس ; ومعاذ بن معاذ ; وحفص بن غياث ; وعبد الرحمن بن مهدي ; وأمثال هؤلاء من طبقة شيوخ الإمام أحمد .

وهؤلاء كلهم يعظمون السنة والحديث ومنهم من يميل إلى مذهب [ ص: 41 ] العراقيين كأبي حنيفة والثوري ونحوهما كوكيع ; ويحيى بن سعيد ومنهم من يميل إلى مذهب المدنيين : مالك ونحوه كعبد الرحمن بن مهدي .

وأما البيهقي فكان على مذهب الشافعي ; منتصرا له في عامة أقواله . والدارقطني هو أيضا يميل إلى مذهب الشافعي وأئمة السند والحديث لكن ليس هو في تقليد الشافعي كالبيهقي مع أن البيهقي له اجتهاد في كثير من المسائل واجتهاد الدارقطني أقوى منه ; فإنه كان أعلم وأفقه منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية