صفحة جزء
[ ص: 476 ] ولهذا كان بعض الناس يعجب من كون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : { إنه أعور } وكونه قال : { واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت } وابن الخطيب أنكر أن يكون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال هذا ; لأن ظهور دلائل الحدوث والنقص على الدجال ; أبين من أن يستدل عليه بأنه أعور .

فلما رأينا حقيقة قول هؤلاء الاتحادية وتدبرنا ما وقعت فيه النصارى والحلولية : ظهر سبب دلالة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأمته بهذه العلامة فإنه بعث رحمة للعالمين فإذا كان كثير من الخلق يجوز ظهور الرب في البشر أو يقول إنه هو البشر : كان الاستدلال على ذلك بالعور دليلا على انتفاء الإلهية عنه .

وقد خاطبني قديما شخص من خيار أصحابنا - كان يميل إلى الاتحاد ثم تاب منه - وذكر هذا الحديث فبينت له وجهه .

وجاء إلينا شخص كان يقول . إنه خاتم الأولياء فزعم أن الحلاج لما قال : أنا الحق كان الله تعالى هو المتكلم على لسانه كما يتكلم الجني على لسان المصروع وأن الصحابة لما سمعوا كلام الله تعالى من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان من هذا الباب ; فبينت له فساد هذا وأنه لو كان كذلك كان الصحابة بمنزلة موسى بن عمران وكان من خاطبه هؤلاء أعظم من موسى ; لأن موسى سمع الكلام الإلهي من الشجرة وهؤلاء يسمعون من الجن الناطق .

[ ص: 477 ] وهذا يقوله قوم من الاتحادية لكن أكثرهم جهال لا يفرقون بين الاتحاد العام المطلق الذي يذهب إليه الفاجر التلمساني وذووه وبين الاتحاد المعين الذي يذهب إليه النصارى والغالية .

التالي السابق


الخدمات العلمية