[ ص: 407 ] فصل 
الترتيب في الوضوء وغيره من العبادات والعقود : النزاع فيه مشهور . 
فمذهب 
الشافعي  وأحمد   : يجب . ومذهب 
مالك  وأبي حنيفة   : لا يجب . 
وأحمد  قد نص على وجوبه نصوصا متعددة . ولم يذكر المتقدمون - كالقاضي ومن قبله - عنه نزاعا . 
قال 
أبو محمد   : لم أر عنه فيه خلافا . 
قال : وحكى 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب   : رواية أخرى عن 
أحمد   : أنه غير واجب . 
قلت : هذه أخذت من نصه في القبضة للاستنشاق فلو أخر غسلها إلى ما بعد غسل الرجلين : ففيه عن 
أحمد  روايتان منصوصتان . فإنه قال في إحدى الروايتين : إنه لو نسيهما حتى صلى : تمضمض واستنشق وأعاد الصلاة ولم يعد الوضوء ; لما في السنن عن 
المقدام بن معديكرب   { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=598714أنه أتي بوضوء . فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم تمضمض واستنشق  } .  
[ ص: 408 ] فغير 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبي الخطاب  فرق بينهما وبين غيرهما بأن الترتيب إنما يجب فيما ذكر في القرآن . وهما ليسا في القرآن . 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب   - ومن تبعه - رأوا هذا فرقا ضعيفا . 
فإن الأنف والفم لو لم يكونا من الوجه لما وجب غسلهما . ولهذا خرج الأصحاب : أنهما من الوجه . كما قال 
الخرقي  وغيره " والفم والأنف من الوجه " ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بهما غسل الوجه . يبدأ بغسل ما بطن منه . وقدم المضمضة لأن الفم أقرب إلى الظاهر من الأنف . ولهذا كان الأمر به أوكد . وجاءت الأحاديث الصحيحة بالأمر به . ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل سائر الوجه . 
فإذا قيل بوجوبهما مع النزاع فهما كسائر ما نوزع فيه . مثل البياض الذي بين العذار والأذن 
فمالك  وغيره يقول : ليس من الوجه . وفي النزعتين والتحذيف ثلاثة أوجه . 
قيل : هما من الرأس . وقيل : من الوجه . 
والصحيح : أن النزعتين من الرأس والتحذيف من الوجه . فلو نسي ذلك فهو كما لو نسي المضمضة والاستنشاق . 
فتسوية 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبي الخطاب  أقوى .  
[ ص: 409 ] وعلى هذا : 
فأحمد  إنما نص على من ترك ذلك ناسيا . ولهذا قيل له : نسي المضمضة وحدها ؟ فقال : الاستنشاق عندي أوكد . يعني إذا نسي ذلك وصلى . قال : يغسلهما ويعيد الصلاة والإعادة إذا ترك الاستنشاق عنده أوكد للأمر به في الأحاديث الصحيحة . وكذلك الحديث المرفوع فإن جميع من نقل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أخبروا : أنه بدأ بهما . 
وهذا حكى فعلا واحدا . فلا يمكن الجزم بأنه كان متعمدا . 
وحينئذ فليس في تأخيرهما عمدا سنة بل السنة في النسيان . فإن النسيان متيقن . فإن الظاهر : أنه كان ناسيا إذا قدر الشك . فإذا جاز مع التعمد فمع النسيان أولى . فالناسي معذور بكل حال . بخلاف المتعمد . وهو القول الثالث . وهو الفرق بين المتعمد لتنكيس الوضوء وبين المعذور بنسيان أو جهل . وهو أرجح الأقوال . وعليه يدل كلام الصحابة وجمهور العلماء . 
وهو الموافق لأصول المذهب في غير هذا الموضع . وهو المنصوص عن 
أحمد  في الصورة التي خرج منها 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب   . 
فمن ذلك : إذا 
أخل بالترتيب بين الذبح والحلق  . فإن الجاهل يعذر بلا خلاف في المذهب . وأما العالم المتعمد : فعنه روايتان  
[ ص: 410 ] والسنة إنما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يسأل عن ذلك ؟ فيقول : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=13674افعل ولا حرج  } لأنهم قدموا وأخروا بلا علم . لم يتعمدوا المخالفة للسنة . وإلا فالقرآن قد جاء بالترتيب لقوله : { 
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله  } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=598715إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل وأحلق حتى أنحر  } . 
وقوله { 
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق  } أدل على الترتيب من قوله : { 
إن الصفا والمروة من شعائر الله  } . 
لكن يقال : قد فرقوا بأن هذه عبادة واحدة مرتبط بعضها ببعض وتلك عبادات كالحج والعمرة والصلاة والزكاة . 
وهكذا فرق 
أبو بكر عبد العزيز  بين الوضوء وغيره . فقال : ذاك كله من الحج : الدماء والذبح والحلق والطواف . والحج عبادة واحدة . ولهذا متى وطئ قبل التحلل الأول فسد الحج عند الجمهور . وهل يحصل كالدم وحده أو كالدم والحلق ؟ على روايتين . 
ومنها : إذا نسي بعض آيات السورة في قيام رمضان . فإنه لا يعيدها ولا يعيد ما بعدها مع أنه لو تعمد تنكيس آيات السورة  
[ ص: 411 ] في الإضافة بل دلالة الإضافة على معناه كدلالة سائر الألفاظ المضافة فكل لفظ أضيف إلى لفظ دل على معنى يختص ذلك المضاف إليه فكما إذا قيل : يد زيد ورأسه : وعلمه ودينه ; وقوله وحكمه وخبره : دل على ما يختص به وإن لم يكن دين زيد مثل دين عمرو ; بل دين هذا الكفر ودين هذا الإسلام ولا حكمه مثل حكمه ; بل هذا الحكم بالجور وهذا الحكم بالعدل ولا خبره مثل خبره ; بل خبر هذا صدق وخبر هذا كذب ; وكذلك إذا قيل : لون هذا ولون هذا كان لون كل منهما يختص به وإن كان هذا أسود وهذا أبيض . فقد كان لون اللفظ المضاف واحدا مع اختلاف الحقائق في الموضعين ; كالسواد والبياض وإنما يميز لون أحدهما عن الآخر بإضافته إلى ما يميزه . 
فإن قيل : لفظ الكون والدين والخبر ونحو ذلك عند الإطلاق يعم هذه الأنواع ; فكانت عامة ; وتسمى متواطئة ; بخلاف لفظ الرأس والظهر والجناح فإنها عند الإطلاق إنما تنصرف إلى أعضاء الحيوان . 
قيل : فهب أن الأمر كذلك ; أليست بالإضافة اختصت ؟ فكانت عامة مطلقة ثم تخصصت بالإضافة أو التعريف فهي من باب اللفظ العام إذا خص بإضافة أو تعريف . وتخصيصه بذلك كتخصيصه بالصفة والاستثناء ; والبدل والغاية كما يقال : اللون الأحمر والخبر الصادق  
[ ص: 412 ] والزهري  والأوزاعي  فيمن نسي مسح رأسه فرأى في لحيته بللا . فمسح به رأسه فلم يأمروه بإعادة غسل رجليه . واختاره 
ابن المنذر   . 
وقد نقل عن 
علي  وابن مسعود   " ما أبالي بأي أعضائي بدأت " قال 
أحمد   : إنما عنى به اليسرى على اليمنى ; لأن مخرجهما من الكتاب واحد . 
ثم قال 
أحمد   : حدثني 
جرير  عن 
قابوس  عن أبيه " أن 
عليا  سئل فقيل له : أحدنا يستعجل فيغسل شيئا قبل شيء ؟ فقال : لا حتى يكون كما أمره الله تعالى " فهذا الذي ذكره 
أحمد  عن 
علي  يدل على وجوب الترتيب . 
وما نقله 
ابن المنذر  في صورة النسيان : يدل على أن الترتيب يسقط مع النسيان ويعيد المنسي فقط . 
فدل على أن التفصيل قول 
علي   . 
رضي الله عنه وقد ذكر من أسقطه مطلقا : ما روي عن 
ابن مسعود  رضي الله عنه أنه قال : " لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك " . 
لكن قال 
أحمد  وغيره : لا نعرف لهذا أصلا ; ونقلوا في الوجوب  
[ ص: 413 ] عن 
سعيد بن المسيب  وعطاء  والحسن   . وهؤلاء أئمة التابعين . 
وصورة النسيان مرادة قطعا . فتبين أنها قول جمهور السلف أو جميعهم . 
والأمر المنكر : أن تتعمد 
تنكيس الوضوء  . فلا ريب أن هذا مخالف لظاهر الكتاب مخالف للسنة المتواترة . فإن هذا لو كان جائزا لكان قد وقع أحيانا أو تبين جوازه - كما في ترتيب التسبيح - لما قال النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=598716أفضل الكلام - بعد القرآن - أربع . وهن من القرآن : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . لا يضرك بأيتهن بدأت  } . 
ومما يدل على ذلك شرعا ومذهبا : أن 
من نسي صلاة صلاها إذا ذكرها بالنص . 
وقد سقط الترتيب هنا في مذهب 
أحمد  بلا خلاف ومذهب 
أبي حنيفة  وغيره . 
ولكن حكي عن 
مالك   : أنه لا يسقط . وقاسوا ذلك على ترتيب الطهارة .  
[ ص: 414 ] وقول النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=598717من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها  } نص في أنه يصليها في أي وقت ذكر . وليس عليه غير ذلك . 
وقد سلم الأصحاب : أن ترتيب الجمع لا يسقط بالنسيان . 
وعموم الحديث يدل على سقوطه . فلو كانت المنسية هي الأولى من صلاتي الجمع : أعادها وحدها بموجب النص . ومن أوجب إعادة الثانية فقد خالف . 
وكذلك يقال في سائر أهل الأعذار كالمسبوق إذا أدركهم في الثانية : صلاها معهم ثم صلى الأولى . كما لو أدرك بعض الصلاة . وليس ترتيب صلاته على أول الصلاة بأعظم من ترتيب آخر الصلاة على أولها . 
وإذا كان هكذا سقط ما أدرك ويقضي ما سقط ; فهذا في الصلاتين أولى ; لا سيما وهو إذا لم يدرك من المغرب إلا تشهدا تشهد ثلاث تشهدات كما في حديث 
ابن مسعود  المشهور في قصة 
مسروق  وحديثه . 
وهذا أصل ثابت بالنص والإجماع يعتبر به نظائره ; وهو سقوط الترتيب عن المسبوق .  
[ ص: 415 ] وكانوا في أول الإسلام لا يرتبون . فيصلون ما فاتهم ثم يصلون مع الإمام . لكن نسخ ذلك . وقد روي أن أول من فعله 
معاذ   . فقال النبي صلى الله عليه وسلم { 
قد سن لكم معاذ  فاتبعوه  } . 
والأئمة الأربعة   : على أنه يقرأ في ركعتي القضاء بالحمد وسورة . 
وكذلك لو أدرك الإمام ساجدا سجد معه بالنص واتفاق الأئمة . 
فقد سجد قبل القيام لمتابعة الإمام وإن لم يعتد به . لكنه لو فعل هذا عمدا لم يجز . فلو كبر وسجد ثم قام : لم تصح صلاته . 
لكن هذا يستدل به على 
أن الركعة الواحدة يجب فيها الترتيب  . فإن هذا السجود - ولو ضم إليه بعد السلام ركوعا مجردا - لم يصر ذلك ركعة . بل عليه أن يأتي بركعة بعدها سجدتان لأنه أخل بالترتيب والموالاة . 
فكذلك إذا 
نسي الركوع حتى تشهد وسلم  . ففيه قولان في المذهب : هل تبطل صلاته ؟ والمنصوص إن لم يطل الفصل بنى على ما مضى وهو قول 
الشافعي  رحمه الله وغيره . 
وذهب طائفة من العلماء إلى سقوط الموالاة والترتيب في الصلاة  
[ ص: 416 ] مع النسيان فقال 
مكحول  ومحمد بن أسلم   - في 
المصلي : ينسى سجدة أو ركعة  - يصليها متى ما ذكرها . ويسجد للسهو . وقال 
الأوزاعي   - لرجل نسي سجدة من صلاة الظهر فذكرها في صلاة العصر - يمضي في صلاته . فإذا فرغ سجد . 
ويدل على هذا القول : أحاديث سجود السهو فإنها تدل على أنه يتم الصلاة ثم يسجد للسهو ولو مع طول الفصل . 
وأما المسبوق : فالسجود الذي فعله مع الإمام : كان لمتابعة الإمام . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم 
لأبي بكرة   { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=19755زادك الله حرصا ; ولا تعد  } وهو متمكن من أن يأتي بالركعة بعد السلام فلا عذر له حتى وإذا نسي ركنا من الأولى حتى شرع في الثانية . ففيها قولان . 
مالك  وأحمد  لا يقولان بالتلفيق . بل تلغو المنسي ركنها . وتقوم هذه مقامها . ولكن هل يكون ذلك بالقراءة أو بالركوع ؟ فيه نزاع . 
والشافعي  يقول : ما فعله بعد الركوع المنسي فهو لغو . لأن فعله في غير محله لا أن يفعل نظيره في الثانية . فيكون هو تمام الأول  
[ ص: 417 ] كما لو 
سلم من الصلاة ثم ذكر  . فإن السلام يقع لغوا . 
فأحمد  ومالك  يقولان : هو إنما يقصد بما فعله أن يكون من الركعة الثانية . لم يقصد أن يكون من الأولى وهو إذا قرأ أو ركع في الركعة الثانية : أمكن أن يجعلها هي الأولى . فإن الترتيب بين الركعات يسقط بالعذر ; فلا وجه لإبطال هذه ولا يكون فاعلا له في غير محله إلا إذا جعلت هذه ثانية . فإذا جعلت الأولى : كان قد فعله في محله . 
وإذا قيل : هو قصد الثانية قبل وقصد بالسجود فيها السجود في الثانية لرعاية ترتيبه في أبعاض الركعة بأن لا يجعل بعضها في ركعة غيرها : أولى من رعايتها في الركعتين . فإن جعل الأولى ثانية يجوز للعذر كما في المسبوق . وأما جعل سجود الثانية تماما للأولى : فلا نظير له في الشرع . وبسط هذا له مكان آخر . 
والمقصود هنا : 
سقوط الترتيب في الوضوء بالنسيان وكذلك سقوط الموالاة كما هو قول 
مالك   . وكذلك بغير النسيان من الأعذار مثل بعد الماء . كما نقل عن 
ابن عمر   . فإن الصلاة نفسها إذا جاز فيها عدم الموالاة للعذر ; فالوضوء أولى . بدليل صلاة الخوف في حديث 
ابن عمر  وأحاديث سجود السهو .  
[ ص: 418 ] وأما حديث صاحب اللمعة التي كانت في ظهر قدمه : فمثل هذا لا ينسى . فدل أنه تركها تفريطا . 
والموالاة في غسل الجنابة  : لا تجب للحديث الذي فيه أنه { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=598718رأى في بدنه موضعا لم يصبه الماء فعصر عليه شعره  } والأصحاب فرقوا بينه وبين الوضوء . فإنه لا يجب ترتيبه فكذلك الموالاة . 
ومالك  يوجب الموالاة وإن لم يوجب الترتيب في الوضوء . 
وأما في الغسل : فالبدن كعضو واحد . والعضو الواحد لا ترتيب فيه بالاتفاق . وأما تعمد تفريق الغسل : فهو كتعمد تفريق غسل العضو الواحد . لكن فرق بينهما ; فإن غسل الجنابة كإزالة النجاسة لا يتعدى حكم الماء محله ; بخلاف الوضوء . فإن حكمه طهارة جميع البدن والمغسول أربعة أعضاء . وهذا محل نظر . والجنب إذا وجد بعض ما يكفيه استعمله . وأما المتوضئ : ففيه قولان للأصحاب . ومن جوز ذلك جعل الوضوء يتفرق للعذر وجعل ما غسل يحصل به بعض الطهارة . وكذلك الماسح على الخفين إذا خلعهما . هل يقتصر على مسح الرجلين أو يعيد الوضوء ؟ فيه قولان هما روايتان . 
وقد قيل : إن المأخذ هو الموالاة . وقيل : إن المأخذ أن  
[ ص: 419 ] الوضوء لا ينقض . فإذا عاد الحدث إلى الرجل عاد إلى جميع الأعضاء وهذا عند العذر : فيه نزاع كما تقدم . 
وقد يكون الترتيب شرطا لا يسقط بجهل ولا نسيان . كما في الحديث الصحيح : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=36370من ذبح قبل الصلاة فإنما هو شاة لحم  } فالذبح للأضحية : مشروط بالصلاة قبله . 
 nindex.php?page=showalam&ids=177وأبو بردة بن نيار  رضي الله عنه كان جاهلا . فلم يعذره بالجهل . بل أمره بإعادة الذبح . بخلاف الذين قدموا في الحج : الذبح على الرمي أو الحلق على ما قبله . فإنه قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=13674افعل ولا حرج  } فهاتان سنتان : سنة في الأضحية إذا ذبحت قبل الصلاة : أنها لا تجزئ . وسنة في الهدي إذا ذبح قبل الرمي جهلا : أجزأ . 
والفرق بينهما - والله أعلم - أن الهدي صار نسكا بسوقه إلى الحرم وتقليده وإشعاره . فقد بلغ محله في المكان والزمان . فإذا قدم جهلا : لم يخرج عن كونه هديا ; وأما الأضحية : فإنها قبل الصلاة لا تتميز عن شاة اللحم . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=36370من ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم قدمها لأهله  } وإنما هي نسك بعد الصلاة . كما قال تعالى : { 
فصل لربك وانحر  } وقال : { 
إن صلاتي ونسكي  } فصار فعله قبل هذا الوقت : كالصلاة قبل وقتها .  
[ ص: 420 ] فهذا 
وقت الأضحية  ; وقته بعد فعل الصلاة كما بين الرسول ذلك في الأحاديث الصحيحة وهو قول الجمهور من العلماء : 
مالك  وأبي حنيفة   nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل  وغيرهم . وإنما قدر وقتها بمقدار الصلاة : 
الشافعي  ومن وافقه من أصحاب 
أحمد  كالخرقي   . 
وفي الأضحية : يشترط في أحد القولين أن يذبح بعد الإمام . وهو قول 
مالك  وأحد القولين في مذهب 
أحمد   . ذكره 
أبو بكر   . والحجة فيه : حديث 
جابر  في الصحيح . 
وقد قيل : إن قوله { 
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله  } نزلت في ذلك وكذلك في الإفاضة من 
عرفة  قبل الإمام قولان في مذهب 
أحمد   : يجب فيه دم . فهذا عند من يوجبه بمنزلة اتباع المأموم الإمام في الصلاة .