صفحة جزء
[ ص: 222 ] وقال أيضا الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر : في هذه المسألة وما أشبهها : الإيمان بما جاء عن النبي والتصديق بذلك وترك التحديد والكيفية في شيء منه .

وقال السجزي في " الإبانة " وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة ، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وابن المبارك والفضيل وأحمد وإسحاق : متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وأن علمه بكل مكان وأنه يرى يوم القيامة بالأبصار فوق العرش وأنه ينزل إلى سماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء .

فمن خالف شيئا من ذلك فهو منهم بريء وهم منه برآء .

وقال الشيخ عبد القادر في " الغنية " أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات - على وجه الاختصار - فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد صمد .

إلى أن قال : وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء .

قال : ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان ; بل يقال : إنه في السماء على العرش .

إلى أن قال : وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش .

قال : وكونه على العرش في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا تكييف .

وذكر الشيخ " نصر المقدسي " في " كتاب الحجة " عن ابن أبي حاتم قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة ؟ فقالا أدركنا العلماء في جميع [ ص: 223 ] الأمصار : حجازا وعراقا ومصر وشاما ويمنا ; فكان من مذاهبهم : أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .

والقرآن كلام الله منزل ; غير مخلوق بجميع جهاته
إلى أن قال : وإن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف .

أحاط بكل شيء علما .

وقال الشيخ نصر في أثناء الكتاب إن قال قائل قد ذكرت ما يجب على أهل الإسلام : من اتباع كتاب الله وسنة رسول الله ، وما أجمع عليه الأئمة والعلماء .

فاذكر مذهبهم وما أجمعوا عليه .

فالجواب : أن الذي أدركنا عليه أهل العلم ومن بلغني قوله من غيرهم .

فذكر مجمل " اعتقاد أهل السنة " وفيه : وأن الله مستو على عرشه بائن من خلقه .

كما قال : في كتابه .

وقال أبو الحسن الكجي الشافعي في " قصيدته المشهورة في السنة " :

عقيدتهم أن الإله بذاته على عرشه مع علمه بالغوائب

وقال القرطبي - صاحب التفسير الكبير - في قوله تعالى { ثم استوى على العرش الرحمن } قال هذه " مسألة الاستواء " وللعلماء فيها كلام .

فذكر قول المتكلمين .

ثم قال : كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك .

بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله ، كما نطق به كتابه وأخبرت [ ص: 224 ] به رسله .

قال : ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء .

فإنه لا تعلم حقيقته .

ثم قال : - بعد أن حكى أربعة عشر قولا - وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار : أن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف .

بائن من جميع خلقه .

هذا مذهب السلف الصالح فيما نقله الثقات عنهم .

ولما اجتمعنا بدمشق وأحضر فيما أحضر كتب أبي الحسن الأشعري : مثل " المقالات " و " الإبانة " وأئمة أصحابه كالقاضي أبي بكر وابن فورك والبيهقي وغيرهم .

وأحضر كتاب " الإبانة " وما ذكر ابن عساكر في كتاب " تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري " وقد نقله بخطه أبو زكريا النووي .

وقال فيه : فإن قال قائل : قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة : فع رفونا قولكم الذي به تقولون .

قيل له : قولنا : التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث .

ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مجانبون ، لأنه الإمام الفاضل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين .

[ ص: 225 ] وذكر الاعتقاد الذي ذكره في " المقالات " عن أهل السنة ثم احتج على أبواب الأصول مثل " مسألة القرآن " " والرؤية " " والصفات "

التالي السابق


الخدمات العلمية