صفحة جزء
وسئل رحمه الله عن رجلين تنازعا في العيد إذا وافق الجمعة فقال أحدهما : يجب أن يصلي العيد ولا يصلي الجمعة ; وقال الآخر : يصليها . فما الصواب في ذلك ؟


فأجاب : الحمد لله . إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : أنه تجب الجمعة على من شهد العيد . كما تجب سائر الجمع للعمومات الدالة على وجوب الجمعة .

والثاني : تسقط عن أهل البر مثل أهل العوالي والشواذ ; لأن عثمان بن عفان أرخص لهم في ترك الجمعة لما صلى بهم العيد .

[ ص: 211 ] والقول الثالث : وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد . وهذا هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : كعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم . ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف .

وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما اجتمع في يومه عيدان صلى العيد ثم رخص في الجمعة وفي لفظ أنه قال : { أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون } .

وأيضا فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة فتكون الظهر في وقتها والعيد يحصل مقصود الجمعة . وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم وتكدير لمقصود عيدهم وما سن لهم من السرور فيه والانبساط .

فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال ولأن يوم الجمعة عيد ويوم الفطر والنحر عيد ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى . كما يدخل الوضوء في الغسل وأحد الغسلين في الآخر والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية